وقد يعترض عليه بعدة اعتراضات.
١ ـ الاعتراض الأول : وهو ما أفاده السيد الخوئي (١) (قده) من أنّ كون دلالة «كل» على العموم منوطة بإجراء مقدمات الحكمة ، يلزم منه ، لغويّة هذه الأداة وضعا واستعمالا ، لأنه قبل إجراء مقدمات الحكمة ، لا تكون «كل» دالة على العموم ، وبعد إجرائها ، تكون المقدمات نفسها كافية في إثبات العموم ، ولا حاجة حينئذ لوضع «كل» للدلالة على العموم من قبل الواضع أو استعمالها فيه من قبل المستعمل ، لانتفاء الفائدة في ذلك ، حتى الفائدة التأكيدية ، لأنّ دلالتها على التأكيد تكون في طول إجراء مقدمات الحكمة ، ودلالتها على العموم والتأكيد لا تعقل إلّا في دالين عرضيين.
لكن هذا الاعتراض غير تام :
ويدفعه : أولا : إنّك قد عرفت سابقا ، ان الإطلاق الحكمي ، مرجعه في المدلول اللفظي ، إلى ملاحظة الطبيعة خالية من القيد ، من دون كون الكثرة مرئيّة.
بينما العموم الأداتي ، مرجعه في عالم المدلول اللفظي إلى ملاحظة الكثرة.
وإن شئت قلت : إنّ الإطلاق ومقدمات الحكمة ، لا تقتضي أكثر من إثبات إنّ ما أخذ موضوعا ، إنما هو ذات الطبيعة بلا قيد ، وأمّا التكثر الإفرادي ، فإنّه لا يرى في مرحلة المدلول اللفظي بالإطلاق ، على ما عرفته في الجهة الأولى من الفصل الأول من هذا البحث ، وإنّما يفاد ذلك ، بأداة العموم ، حيث يفاد بها صورة ذهنية أخرى ، هي ، ملاحظة الأفراد بما هي متكثرة ، إذن ، كل من الإطلاق والأداة يعطي صورة متميّزة عن الأخرى ، وحينئذ نقول : إنه لا لغوية في المقام ، لأنه ليس غرض الواضع من وضع الأداة للعموم ، بيان الأحكام الشرعية ، كي يقال حينئذ : بأنّ الاستيعاب
__________________
(١) هامش نفس المصدر ج ٢ ص ٤٤١.