بينما الثاني وهو ، ما إذا فرض إنّ الجعل كان منصبّا على الأفراد بتوسط مفهوم كلّي ، كعنوان ، «كل فقير ونحوه» ، فإنه حينئذ ، لا محالة يأتي فيه برهان الميرزا «قده» ، وهو أن هذا الحكم ، إمّا أن يكون مهملا ، أو مطلقا ، أو مقيدا ، والأولان باطلان ، فيتعيّن الثالث ، وهو ، التقييد كما تقدم ، إذن فهناك فرق بين المقامين.
وأمّا إبطال النحو الثاني : فهو أيضا باطل ، لورود عدة اعتراضات عليه.
١ ـ الاعتراض الأول : هو ما ذكرناه سابقا ، من أنّ هذا رجوع إلى المولى فيما ليس خبيرا به وليس من شئونه بما هو مولى ، والخطاب هنا ، صادر من المولى بما هو مولى ، فلا يرجع إليه إلّا فيما هو خبير به بما هو مولى ، إذن فلا يرجع إليه في ذلك.
٢ ـ الاعتراض الثاني : هو أن هذا العام ، إذا كان شموله لزيد يرجع إلى فعليّة المجعول ، إذن سوف يكون إخبارا لا إنشاء ، ويلزم منه تحويل الجملة من الإنشائية إلى الإخبارية.
ثم إنّ هناك محذور آخر ، بناء على تحويل الجملة الإنشائية إلى إخبارية ، وهو ، عدم التناسق بين الأفراد ، بمعنى أنّ العام ، إن كان إخبارا في زيد المشكوك ، حينئذ ، نسأل : إنّه في غير زيد ، هل يتحول الإنشاء إلى إخبار بلحاظ بقية الأفراد بحيث يكون إخبارا عن فعليّة المجعول في كلّ فرد؟
والأول : يعني أنّ المولى يخبر عن عدالة كلّ الفقراء مع وضوح انّ بعض الفقراء فساق بلا إشكال ، وهذا بنفسه كالقرينة المتصلة على عدم جواز حمل الجملة الإنشائية على الإخبار في كل الأفراد ، مع انه من الواضح ، بقاء الجملة الإنشائية ـ فيما عدا زيد ـ على ما هي عليه.
وإن فرض إنّا قلنا : بأنّ الجملة الإنشائية. بلحاظ زيد المشكوك تكون خبرية ، ولكن بلحاظ غير زيد المشكوك تبقى إنشائية ، فحينئذ ، يوجد محذوران.