تعدّد الحجية وأنّها حجتين ، لأنّ تعدد الحجية هنا انحلالي وإن كان حجة واحدة جعلا ، فإنّ التعدد الانحلالي للحجية هنا ، في مرحلة التطبيق لا في مرحلة الجعل ، إذ لا جعل لحجيتين في المقام ، لكن تعدّد الحجية وانحلالها في عالم التطبيق لا بأس به ، وإنّما الباطل هو تعدد الحجية في عالم الجعل ، وهذا يشبهه حجيّة خبر الواحد في باب الخبر مع الواسطة ، حيث أشكل في المقام ، بأنه كيف يكون خبر «الصفّار» حجة بالنسبة لنا ، مع انّه غير ثابت لنا إلّا بواسطة الشيخ الطوسي «قده»؟
وأجيب : بأنّ حجية خبر الواحد ، واحدة في مرحلة الجعل ، لكن في مرحلة الانحلال ، تنحل إلى حجيّات متعددة ، فحجية خبر الطوسي «قده» ، تولد إثبات خبر «الصفار» ، وبه يتولد موضوع ثاني للحجية ، وهكذا.
إلّا أن هذا الإشكال ، لم يصغ صياغة فنيّة بنحو لا تصل النوبة إلى هذا الجواب الذي أفاده العراقي «قده» ، وذلك لأنّ دليل حجية العام ، يجعل العام حجة في كل ما يدل عليه العام ، إذن في المرتبة السابقة على دليل حجية العام ، يجب أن نلحظ مدلول العام ، لنرى هل انه يدل على إلغاء احتمال الخلاف في كلتا الشبهتين ، أو في إحداهما فقط؟
فإن كان مفاده إلغاء احتمال الخلاف في الشبهتين ، حينئذ ، لا إشكال في أنّ دليل حجية العام يجعله حجة في إلغاء كلتا الشبهتين ، لأنه بعد أن سلّمنا انّ العام يلغي كلا الاحتمالين ، فمعنى ذلك ، انّ له دلالتين وكل منهما حجة في نفسها ، دلالة على إلغاء احتمال الخلاف في الشبهة الحكمية ، ودلالة على إلغاء احتمال الخلاف في الشبهة الموضوعية ، إذن فلم نعمل حجيتين لدلالة واحدة ولم نعمل حجة واحدة مرتين ، بل إعمال لحجيتين عرضيّتين لدليل واحد.
وإن كان مفاده إلغاء احتمال الخلاف في إحداهما فقط ، بأن فرضنا انّ العام في المرتبة ليس له دلالتان على إلغاء احتمالي الخلاف في كلتا الشبهتين ، بل كان له دلالة واحدة على إلغاء احتمال الخلاف في الشبهة الحكمية فقط ،