الرابع على هذا النحو الثاني هو ، ما ذكره المحقق العراقي «قده» في مقام إبطال التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
وحاصله هو : ان العام إنما نتمسك به لأنه حجة ، وعليه فلا بدّ من ملاحظة دليل حجيته ، وعند ملاحظة ذلك ، نجد أنّ دليل حجيته يجعل حجة واحدة للعام بلحاظ كل فرد فرد ، أي انّه يجعله حجة مرة واحدة ولا يجعله حجة مرتين.
بينما مفاد النحو الثاني هو ، التمسك بالعام وجعله حجة مرتين ، فمرة نجعله حجة في الشبهة الحكميّة لإثبات جعل وجوب الإكرام على زيد على تقدير كونه عادلا ، ومرة أخرى ، نجعله حجة في إلغاء الشبهة الموضوعية ، باعتبار انّا لا ندري ، انّ زيدا عادل أو غير عادل ، فنعمل حجيّة العام لإثبات عدالته تعبدا في المرة الثانية ، وهذا معناه أنّا ألغينا شكّين بدليل الحجية ، وبذلك نكون قد أعملنا الحجية مرتين لأنّ مرجع الحجية إلى التعبد بإلغاء الشك واحتمال الخلاف ، وهنا ألغينا احتمالين للخلاف ، لأنّا ألغينا احتمال الخلاف في الشبهة الحكمية ، ثم ألغينا احتمال الخلاف في الشبهة الموضوعية ، وهذا معناه : إنّا أعملنا الحجية مرتين بالنسبة لفرد واحد ، مع أنّ دليل الحجية في العام لا يثبت له إلّا حجية واحدة.
ثم إن العراقي «قده» ، أجاب عن هذا الإشكال بما حاصله :
بأنّ دليل الحجية وإن كان مفاده حجية واحدة بالعنوان ، وهي إلغاء احتمال الخلاف ، لكن إذا فرض انّ إلغاء احتمال الخلاف ولّد احتمال خلاف آخر ، فحينئذ ، لا بأس بإعمال الحجية مرة أخرى.
ومقامنا من هذا القبيل ، لأنّا نواجه في البداية احتمال الخلاف في الشبهة الحكمية ، فإنّا لا ندري بأنه هل يجب إكرام زيد على تقدير كونه عادلا أم لا؟ حينئذ ، حجية العام تلغي هذا الاحتمال وهذا الشك ، ولكن في طول إلغاء هذا الشك ، يتولّد شك جديد ، وهو ، هل إنّ زيدا عادل أو لا؟ وهنا تأتي حجية العام ، فتلغي احتمال الخلاف مرة أخرى ، وهنا لا يلزم محذور