أ ـ الوجه الأول : هو أن يجعل الحكم ويقيّده بحالة وجود هذا القيد ، فيقول : «إذا كان زيد عادلا فأكرمه» ، فتكون العدالة دخيلة في ملاك الحكم ، فيجعل الحكم بوجوب الإكرام مقيدا بالعدالة ، وفي مثله ، لا يتحمل المولى مسئوليّة إحراز وجود هذا القيد ، بل المكلّف هو الذي لا بدّ أن يتصدّى بنفسه لإحراز وجود هذا القيد أو إحراز عدمه.
ب ـ الوجه الثاني : هو انّ المولى قبل جعل الحكم ، يفحص عن زيد فتثبت لديه عدالته ، حينئذ ، يجعل وجوب الإكرام عليه مطلقا بدون تقييد.
وهذا الإطلاق لا يضرّ به ، لأنّ المولى هو بنفسه قد ضمن وجود هذا القيد.
٢ ـ الأمر الثاني : هو انّ المولى ، تارة ، يجعل الحكم على وجه كلّي على نهج القضيّة الحقيقيّة ، التي مرجعها إلى افتراض الموضوع ، مقدّر الوجود ، وإنشاء الحكم له كقضيّة شرطيّة ، من قبيل : «أكرم كلّ فقير» ، فإنّ مرجع هذا القول إلى ، انّه «كلّما كان إنسان فقير فأكرمه».
وتارة أخرى : يجعل الحكم على وجه شخصي على نهج القضية الخارجية ، من قبيل أن يعيّن أشخاصا محدّدين موجودين بالفعل ثم يقول : «اكرم هؤلاء» ، وحينئذ ، إذا فرض انه ثبت انّ قيدا ما دخيلا في الملاك ، وانّه لا ملاك في وجوب الإكرام إلّا مع افتراض العدالة ، فإن كان الجعل الذي يريد جعله المولى من القسم الأول ـ وهو الجعل على وجه كلّي على نهج القضية الحقيقية ـ إذن فيتعيّن على المولى حفظ التحفظ المولوي على هذا القيد بالطريقة الأولى كما تقدمت في الأمر الأول ، وذلك بأن يأخذ هذا القيد قيدا في الوجوب فيقول : «أكرم كلّ فقير إذا كان عادلا» ، وحينئذ ، لا يمكن للمولى التحفظ على هذا القيد بالطريقة الثانية ، وهي أن يتصدّى المولى بنفسه لإحراز وجود هذا القيد في تمام أفراد موضوع القضية الحقيقية ، لأنّ القضيّة الحقيقية ، موضوعها هو ، الجامع بين مقدّر الوجود ، ومحقّق الوجود.
ومن الواضح ، انّ المولى لو فرض ان لديه علم الأولين والآخرين ، فغاية ما يقتضيه علمه هو انه يحيط علما بحال من هو موجود بالفعل من