ولكن إذا كان جعلا شخصيا على نهج القضية الشخصية ، بخصوص زيد المشكوك ، فحيث انّ موضوع هذه القضيّة محدّد بزيد ، فيمكن أن يفرض حفظ القيد بالطريقة الثانية ، وهي ضمان نفس المولى للقيد ، بدون حاجة إلى أخذ القيد في موضوع الجعل مسبقا ، بل يجعل جعلا شخصيا لوجوب إكرام من دون أخذ العدالة قيدا في موضوع الوجوب ، إذن فبشمول «أكرم كل فقير» لزيد نثبت هذا الجعل الشخصي ، وهو جعل وجوب إكرام على زيد على نهج القضية الشخصية الخارجية ، ونستكشف منه إنا انّ المولى هو الضامن لقيد العدالة.
وهذا التقريب ، إنّما يتم إذا ورد من المولى خطاب خاص بزيد ، يقول :«أكرم زيدا» وعلمنا من الخارج أنّ المولى لا يجب إكرام الفاسق ، ففي مثله نقول : إنّ خطاب «أكرم زيدا» يدل على جعل شخصي ، ولا موجب لرفع اليد عن إطلاقه لمجرد علمنا من الخارج بأن الفاسق لا يراد إكرامه ، إذ لعلّ المولى تحفّظ على القيد بالطريقة الثانية ، وحينئذ ، نتمسك بإطلاق «أكرم زيدا» لإثبات وجوب إكرامه ، وبالتالي لإثبات عدالته.
ولا يقال : إنّ ذلك أجنبي عن شأن المولى ، أي إثبات عدالته ، وذلك لأنّ المولى الذي يهتم بجعل الوجوب لزيد مباشرة ، من شأنه أن يفحص خصوصيات زيد من عدالة ونحوها ، وإلّا ، لو لم يفحص ، لعلّق الحكم على الكلّي الطبيعي ، ولما كان قد علّق حكمه على زيد.
لكن في المقام لم يصدر مثل هذا الخطاب الخاص من المولى بوجوب إكرام زيد ، وإنّما يدّعى تحصيل نتيجة مثل هذا الخطاب الخاص ، من عموم «أكرم كلّ فقير».
وهذا غير صحيح ، لأن مرجع ذلك إلى افتراض ان خطاب «أكرم كل فقير» ، بإزائه جعلان ، جعل كلّي على نهج القضية الحقيقية وجعل آخر على نهج القضية الشخصية الذي انصبّ على زيد ، فيكون هذا الخطاب مبرزا لجعلين ، وهذا خلاف ظاهر الجملة الإنشائية ، فإنّ ظاهر كلّ جملة إنشائية انّها في مقام إبراز جعل واحد لا جعلين.