نعم لو حوّلنا الجملة الإنشائية إلى جملة خبريّة ، فلا بأس حينئذ بتعدد المجعول كما لو قلنا : «إن الله أوجب على العباد خمس فرائض» ، فنكون هنا قد جمعنا بين جعل الصبح ، وجعل الظهر ، وجعل العصر ، وهكذا المغرب والعشاء.
وبتعبير آخر هو ، إنّ كل كلام واحد له مدلول تصوري واحد ومدلول تصديقي واحد.
وبهذا يبطل هذا النحو الرابع ، وبهذا تتم لدينا صيغة البرهان على عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، لأنّ التمسك بالعام فيها لا بدّ أن يكون على نهج واحد من الأنحاء الأربعة ، وقد بطلت جميعها.
إذن لا يجوز التمسك بالعام فيها ، لكن بنفس هذه الطريقة التي اتضح بها عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، توضيح ان عدم جواز التمسك هذا ليس حكما مطلقا ، بل هناك حالتان يجوز فيهما التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، وذلك لعدم تماميّة البرهان المذكور فيهما.
١ ـ الحالة الأولى : هي فيما إذا فرض انّ الحكم في العام كان مجعولا على نهج القضية الخارجية الشخصية ، كما لو قال : «أكرم فقراء بلدتي» ، وكان المأمور بالإكرام يعلم بأنّ المولى من ذوقه انه لا يرضى بإكرام الفساق منهم ، حينئذ ، المكلف ، يتمسك بنفس هذا العام لإكرام الفرد المشكوك فيهم ، ويثبت عدالته أيضا ، وذلك لأنّ النحو الرابع يتم فيه لأنّا نستكشف من هذا العموم جعلا واحدا على نهج القضية الخارجية الشخصية ، ويكون هذا القيد مضمونا من قبل المولى ، وفي مثله ، يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
ولكن بحسب الحقيقة والدقة ، فإنّ هذا ليس بشبهة مصداقيّة ، لأنّ القيد هنا ، لم يؤخذ في عالم الجعل ، نعم ، تثبت دخالته في الملاك ، وانّ المولى جعل الوجوب مطلقا وضمن ثبوت قيد العدالة بنفسه من دون أن يأخذه في موضوع الجعل ، فيكون هذا المورد بالدقة روح الشبهة المصداقية ، وليس