فيه هذه الحيثية ، فإن نفس عدم العرض في نفسه ليس وجودا رابطيا ، بحيث يكون وجوده في نفسه هو عين وجود موضوعه ، أي يكون عين وجوده لغيره.
فهذا التفسير لا يصح في طرف الوجود مطلقا ، لأنه إنّما يصح في طرف الأعراض الخارجية فقط ، ولا يصح في الأعراض الانتزاعية والاعتبارية بناء على انه لا وجود لها في الخارج حتى يكون وجودها في نفسها هو عين وجود موضوعاتها.
٣ ـ التقريب الثالث : هو أن يقال : بأنّ النعتية في طرف العرض ، لا حاجة فيها لإدخال مسألة الوجود الرابط الذي أدخله السيد الخوئي (قده) ، ولا للوجود الرابطي الذي أدخله الميرزا (قده) ، وهو عبارة عن كون وجود الشيء في نفسه عين وجوده لغيره.
بل النعتية مرجعها بحسب الحقيقة ، إلى التحصيص والتقييد ، وذلك لأنّ العرض بما هو مفهوم كلي ـ كمفهوم البياض ـ ينقسم بلحاظ موضوعه إلى حصتين ، بياض العاج ، وبياض الثلج ونحوه ، وهذا تحصيص في عالم المفهوم بغض النظر عمّا يتحصص به من وجود ربط ورابط وعاج وثلج خارجا وعدمه ، وهذا بخلاف العرض مع عرض آخر عرضي له ، أو الجوهر مع جوهر آخر ، أو جوهر في نفسه ، وعرض لجوهر آخر ، فإن هذه كلها مفاهيم لا يتحصص بعضها بلحاظ البعض الآخر تحصصا ابتدائيا ، بل تتحصص بضم مفهوم ثالث. كمفهوم المقارنة ، فمثلا إذا أردنا أن نحصص مفهوم دخول زيد إلى الغرفة بنزول المطر ، فهنا لا يعقل تحصيص دخوله ابتداء بنزول المطر ، بل لا بدّ من الاستعانة بمفهوم ثالث ، وهو مفهوم المقارنة فنحصصه به فنقول : إذا كان دخول زيد مقارنا لنزول المطر ، وهذا بخلاف تحصص الدخول بالنسبة إلى زيد نفسه ، فإنه متحصص بالنسبة لزيد نفسه ابتداء حين جعله نعتا له بلا حاجة إلى ضم مفهوم المقارنة وما ذلك إلّا لأنه عرضه.