وهذا معناه ، إنّ العرض بالنسبة إلى محله ، قابل للتحصيص مباشرة ، وهذا التحصيص يوازي الرابطية في الوجود الرابط لكن في عالم المفهوم ، إذن فهذا التحصيص ، أمر قابل ومعقول في كل وصف عرضي مع محله ، سواء كان العرض من الأوصاف المقوليّة ، كالبياض ، أو كان من الأوصاف الانتزاعية ، كالزوجيّة ، أو كان من الأوصاف الاعتبارية ، كالمطلقيّة ، وحينئذ يكون تفسير النعتية بمعنى التحصّص المباشر أمر معقول إذا تعقلنا هذا المعنى السيّال للنعتية في تمام أفراد الوجود.
وحينئذ ، نأتي إلى طرف العدم ، فنرى انّه غير معقول فيه ، لأنه في طرف عدم العرض لا نتعقل تحصّص العدم بلحاظ المحل ، وإنّما التحصّص يكون في المعدوم ، لأنّه عند ما نقول : «عدم قرشية المرأة» ، فهنا حصّص شيء بالمرأة ، ولكن الذي حصّص هو المعدوم لا العدم ، لأنّ القرشيّة حصتان : لأنها تارة حصة امرأة قرشيّة ، وأخرى حصة قرشيّة رجل ، فالقرشيّة حصّص بالمرأة ، ثم أضيف إلى هذه الحصة الخاصة العدم ، لا أن العدم هو الذي حصّص.
فعدم القرشية لا يعقل أن يحصّص بالنسبة إلى المرأة مباشرة من دون توسط مفهوم ثالث كالمقارنة.
إذن فالعدم النعتي بهذا المعنى غير معقول.
فالصحيح إذن ، في المقام هو ، أنّ العدم النعتي غير معقول في نفسه ، إلّا بعناية إضافيّة ، من قبيل عناية إدخال مفهوم ثالث إلى العدم أو تطعيمه بأمر وجودي ، لا تحويله إلى أمر وجودي مضاد ، كتحويل عدم القرشيّة إلى تميميّة.
هذه هي دعوانا الأولى في المقام.
ولكي تتّضح هذه الدعوى أكثر ، علينا أن نفتّش عن معنى للنعتية ، بحيث يحقق ما ادّعاه الميرزا (قده) من عدم معقوليتها بين الجوهرين ، وبين العرضين المستقلين ، ومعقوليتها بين العرض ومحله.