وحينئذ ، فإن فرض الثاني ، وهو أنّ طرف الربط كان المرأة الموجودة بما هي موجودة ، كما لو قال : إذا وجدت امرأة وكانت موصوفة بعدم القرشيّة ، فكذا ، فحينئذ ، يتعذّر استصحاب العدم الأزلي ، لأنّ الربط القائم بين وجود المرأة ، وعدم القرشية ليس له حالة سابقة ، لأنّ هذا الربط ، فرع وجود المرأة ، إذ قبل وجودها لا ربط بين وجودها هذا قبل انوجاده ، وبين عدم القرشية.
وإن فرض الأول ، وهو ، أنّ الربط بين عدم القرشية وذات المرأة ، كما لو قال : إذا وجدت امرأة موصوفة بعدم القرشية ، فكذا ، فمعنى هذا : إنّا فرضنا الوجود يطرأ على المرأة الموصوفة بعدم القرشية ـ لا العكس كما في الأول ـ فإذا فرض هذا ، حينئذ ، فهذا الربط ثابت منذ الأزل ، لأنّ المرأة منذ الأزل هي لا قرشيّة ولو بنحو السالبة بانتفاء الموضوع.
وحينئذ ، ما قيل : من انّ ثبوت شيء لشيء ، فرع ثبوت المثبت له ، فثبوت وصف القرشيّة للمرأة فرع ثبوت المرأة ، مثل هذا الكلام ، لا محصّل له ، إلّا أن يكون مفاده ، إنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له بالنحو المناسب للثابت من الثبوت ، فإن كان الثابت عبارة عن الاتصاف بالعدم ، فإنّ هذا لا يستدعي ثبوتا أكثر ممّا يناسب نفس العدم أي ثبوتا ذهنيا محضا.
وكون القضية بحسب صورتها موجبة ، وأنّ المناطقة ذكروا ، إنّ هذه القضية يشترط فيها وجود الموضوع ، غير وارد في المقام ، فإنّ هذه وإن كانت موجبة صورة ، إلّا انه بحسب الحقيقة غير موجبة ، لأنّ الاتصاف بعدم القرشية لا يحتاج إلى وجود المرأة لكي تتصف بالقرشية ، بل هي قبل وجودها موصوفة بذلك ، لأنّ الربط بين عدم القرشيّة وبين هذه المرأة ـ على فرض تعقله ـ فهو ربط في لوح الواقع ، لا ربط في لوح الوجود ، والربط في لوح الواقع لا يحتاج إلى وجود طرفيه أصلا ، كالربط بين العلة والمعلول ، مع انّه لا علة ولا معلول ، وعليه : فهذا الربط والنعتيّة ليس مساوقا للمنع عن جريان الاستصحاب.