الاستدلال على كون الأمر للوجوب بقوله : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ) حيث حكموا بوجوب الحذر من مخالفة الأمر ، فإذا حولنا هذا الكلام إلى عام كان مضمونه إنّ الأمر يجب الحذر منه ، ولا إشكال حينئذ في أنّ الاستحباب خارج من تحت العموم.
لكن يقع الكلام ، في انّ خروج الاستحباب هل كان خروجا تخصيصيا وتقيديا ، أم انّه خرج تخصصا وتقيدا؟
وهنا استدل جملة من الأصوليين باصالة العموم في هذه الآية أو الإطلاق ، لنفي التخصيص ، وإثبات انّ الاستحباب خارج تخصصا.
وقد قيل في مقام تقريب الاستدلال على إجراء اصالة العموم لنفي التخصيص ابتداء.
إن اصالة العموم من الأصول اللفظية ، ومثبتات هذه الأصول حجة ، لأنّ مرجعها إلى ظواهر الألفاظ ، وقد عرفت انها من الإمارات ، ومثبتات الإمارات حجة.
وحينئذ ، يقال : بأنّ العام يشكل موجبة كلية ، حاصلها : «إن كلّ قرشي يجب إكرامه» ، والموجبة الكلية تنعكس بعكس النقيض ، إلى انّ كلّ ما لا يكون مصداقا للمحمول لا يكون مصداقا للموضوع ، فيلزم من قولنا : «كل قرشي يجب إكرامه» ، «إنّ كل من لا يجب إكرامه ليس قرشي».
وهذا مدلول التزامي عقلي للأول ، فإذا ثبت المدلول الأول باصالة العموم ثبت الثاني ، وهو اللزوم.
وبعبارة أخرى ، هي أنّ تحليل مفاد دليل «إن كلّ قرشي يجب إكرامه» ، هو قضية شرطية وهي ، «إذا كان هذا قرشيا يجب إكرامه» فبالعام يثبت قضية شرطية ، وبالدليل الخارجي القائل : بأنّ هذا الإنسان لا يجب إكرامه ، يثبت نقيض التالي ، وحينئذ ، بضم دليل الشرطية إلى دليل نفي الثاني يلزم منه نفي المقدم ، لأنه قياس استثنائي.