إلّا ان المعروف بين المحققين من الأصوليين المتأخرين هو ، عدم البناء على التمسك باصالة العموم في موارد دوران الأمر بين التخصيص والتخصص.
وقد ذهب صاحب الكفاية (قده) (١) إلى عدم جواز التمسك باصالة العموم في المقام.
وحاصل ما يستفاد من كلامه هو ، إنّه لا يناقش في أصل هذه الملازمة بين المدلول المطابقي والالتزامي ، أي لا يرى بأسا من كون عكس النقيض لازما للمدلول المطابقي الذي هو الموجبة الكلية ، إذ دلالة الكلام الالتزامي على ذلك لا تضر ، ولكن يقول : إنه يرى أنّ هناك ضيق في دائرة الحجية المجعولة ، بمعنى انّه بعد مراجعة دليل حجية الإمارة ، يرى انّ هذا الدليل يدل على حجيتها في تمام المدلولات الالتزامية وإن لم يستقر بناء العقلاء في بعضها.
ثم يقول : والصحيح ، انّ بناء العقلاء استقرّ على جعل الحجية في المدلول المطابقي وبعض المداليل الالتزامية ، فمثلا : الفرد الذي يعلم بدخوله تحت العام ويشك في شمول حكم العام له ، فقد جعلوا له الحجية ، بينما الفرد الذي يشك ابتداء في دخوله تحت العام ويعلم بعدم شمول الحكم له ، فإنهم لم يجعلوا له الحجية ، وذلك لأنّ دليل الحجية دليل لبّي يقتصر فيه على القدر المتيقن ، حيث انّ دليلها السيرة ، ولم يعلم بإمضاء الشارع لها في كل المداليل الالتزامية ، ولا أقل من الشك في حجيتها ، والشك فيها مساوق لعدمها.
وهذا الكلام في نفسه معقول حيث انّ العقلاء يعقل أن يفرقوا بين هذين الموردين في الحجية ، حيث يجعلون الحجية لاحدهما دون الآخر.
لكن نحن يجب أن نرى ونعرف سبب تفرقتهم بين الموردين بعد
__________________
(١) كفاية الأصول ـ ج ١ ـ ص ٣٥١ ـ ٣٥٢.