إذن فلا انحلال ، لأنّ العلم التفصيلي جاء متأخرا عن العلم الإجمالي لأنه إنّما يعلم بهذه المخصصات تفصيلا بحسب نمو معلوماته ، وذلك لا يتم إلّا بالتدريج.
والحاصل : إن محل كلامنا هو ، الحالة الثالثة ، لأننا نعلم إجمالا بوجود مخصصات لهذه العمومات موجودة في الكتب الأربعة ، ثم علمنا تفصيلا بالمخصصات الموجودة في الكتب الأربعة ، وكان العلم الإجمالي سنخ عنوان وجامع منطبق على العلم التفصيلي دون أن يؤخذ في المعلوم الإجمالي عنوان زائد على المعلوم التفصيلي ، كما انّ المعلوم التفصيلي غير ناظر إلى المعلوم الإجمالي.
وحينئذ ، من يبني على الانحلال الحقيقي ، لا يفرق بين كون العلم التفصيلي مقارنا أو متأخرا عن العلم الإجمالي كما عرفت.
وأمّا من يبني في المقام على الانحلال الحكمي ، فإنّه يدّعي التفصيل بين صورتي مقارنة العلم الموجب لانحلال العلم الإجمالي وتأخره عنه كما فعل المحقق العراقي (قده) (١) ، حيث انّ الميزان عنده (قده) مقارنة نفس العلم وتأخره لا المعلوم ، فإن كان مقارنا فيحلّه ، وإن كان متأخرا فلا.
وحينئذ ، إذا سلّمنا بهذا التفصيل من العراقي (قده) فإنه ينتج لا محالة عدم انحلال العلم الإجمالي ، لأنّ العلم التفصيلي جاء متأخرا عنه.
وعليه : فيبقى العلم الإجمالي على حاله ، وبهذا يتم الدليل على وجوب الفحص عن المخصص ، كما انه يتم دليل الأخباري في البراءة ، ومن هنا وقع العراقي (قده) في مشكلة النزاع بين الأصوليين والإخباريين ، لكن هذا ليس محل بحثه الآن ، فإنّ له موضع آخر.
لكن لا بدّ من الكلام بمقدار ما يناسب هذه المسألة فنقول : إنّ دعوى
__________________
(١) مقالات الأصول ـ المحقق العراقي ـ ج ١ ـ ص ١٥٤ ـ ١٥٥.