٢ ـ الاحتمال الثاني : هو أن يقال : بأنّ هذه العمومات التي سمعها هؤلاء ، لم يكونوا يفحصون عن المخصص لها. باعتبار أنّهم كانوا يرون أنفسهم انّهم القدر المتيقن للعام الذي لا يقبل التخصيص ، يعني أنّ العام له قدر متيقن ، وهو ما وقع في مجلس التخاطب ، والتخصيص يخص غير هذا القدر المتيقن ، وبما إنّه القدر المتيقن ، فحينئذ ، لا يجب عليه الفحص عن المخصص ، وهذا بخلافه بالنسبة لنا ، فإنّ العموم لا يشكّل قدرا متيقنا بالنسبة لنا ، بمعنى انّه لا يشملنا ، وإنّما يشمل المخاطب فقط.
وهذا التفسير يحتوي على نكتة صحيحة ، إلّا انّها ليست نافعة ، لأنّ زرارة وأمثاله ، لم يكونوا يعملون بهذه العمومات لأنفسهم فقط ، بل كانوا يفتون الآخرين بمضمونها ، مع كونهم القدر المتيقن ، إذن فهذه النكتة لا تفسّر المدّعى.
٣ ـ الاحتمال الثالث : هو انّ العام وإن كان في معرض التخصيص ، إلّا انّ السامع مباشرة بهذا العام ـ أي الرواة من الطبقة الأولى ـ كان فحصهم عن المخصصات العرضية موجبا للعسر والحرج أو مخالفا للتقية ، بينما غيرهم ممن تأخّر عنهم ، ولم يكن مخاطبا مباشرة ، ليس كذلك ، كيونس بن عبد الرحمن ، فإنّ التفتيش عن المخصص في عصره لم يكن يشكل عليه أيّ عسر أو حرج بل قد يقال : بأنه لم يكن موجبا للتقية ، ومن هنا اختلف حكمهم عن غيرهم ممّن بعدهم.
وعليه : فعدم وجوب الفحص كان لحكم اقتضى تنزيل فحص الخالي من الحرج منزلة فحصنا ، كما اقتضى تنزيل عدم الفحص المرافق للحرج منزلة الخالي من الحرج.
٤ ـ الاحتمال الرابع : هو أن يقال : إنّ كلّ كلام يصدر عن المعصوم عليهالسلام له مفادان.
الأول منهما ، مفاد ظاهر بارز ، وبه يكون بيان الحكم الواقعي الأولي ، وهذا هو الذي ترد عليه المخصصات.