بحيث انّا نحن غير المخاطبين مباشرة حتى لو قطعنا بصدور العام من الإمام عليهالسلام ، فمع هذا لا يمكن أن نجعل حالنا كحالهم.
وإن كان الميزان في حجية العام هو الثاني ، أي لكونه قطعي الصدور ، فحينئذ ، إذا قطعنا نحن غير المباشرين بصدور عام من الأئمة عليهمالسلام ، فينبغي أن نقول بعدم وجوب الفحص عن المخصص ، حيث يصبح حالنا حالهم.
والصحيح هو ، إنّ ظاهرة عدم فحص الرواة المباشرين عن المخصص عند الآخرين ، هذه الظاهرة ، يمكن تفسيرها بطرح عدة احتمالات ، ومع تردد التفسير فيما بين هذه الاحتمالات ، لا يمكن حينئذ أن نبني على أحدها.
١ ـ الاحتمال الأول : هو أن يكون ذلك بسبب انّ العمومات الصادرة عن الإمام عليهالسلام ، تكون بالنسبة لمن كان حاضرا في مجلس التخاطب ليست في معرض التخصيص ، بمعنى انّ المعرضيّة للتخصيصات المنفصلة ، إنّما نشأت بعد مضي زمان على هذه العمومات وفقدانها لمخصصاتها المتصلة ، بحيث نجد عاما يصدر من إمام عليهالسلام ومخصّصا يصدر من إمام آخر بعده ، ولكن لعلّ هذه العمومات لم تكن في معرض التخصيص حين صدورها بالنسبة لمن كان حاضرا مجلس التخاطب هذا ، زائدا عمّا كان يدركه هذا المخاطب.
وبعبارة أخرى : إنّ هذه المعرضيّة إنّما نشأت بعد مرور زمن على العمومات ، وفقدان الكثير من القرائن المتصلة التي ضاعت خلال مئات السنين ، إذ لعلّنا لو فرضنا انّا سألنا زرارة نفسه عن عمله بالعمومات دون الاعتماد على المخصصات المنفصلة لأجاب : بأنّي سمعت هذا العام مع مخصّصه من الإمام عليهالسلام ، ولكن بعد الزمن بينكم وبينه هو الذي سبّب ضياع هذا المخصص.
إذن فغير معلوم إنّ السامع مباشرة من نفس الإمام عليهالسلام كان يراه كثيرا ما يعتمد على المخصصات المنفصلة ، بل لعلّ هذه المعرضية نشأت من مرور السنين ، لا انّ الإمام عليهالسلام كان يتقصد ذلك.