في طبقته عن المخصص ، فزرارة «رض» لم يكن ليفحص عن المخصص عند محمد بن مسلم (رض) ونحوه. وإن ادّعي انّ سيرة المتشرعة على الفحص طوليا ، وذلك بفحص المتأخرين لاصول المتقدمين ، فمن المظنون قويا انّ يونس بن عبد الرحمن إذا اطّلع على عام من الإمام عليهالسلام كان يكتفي به ، بل يفحص عن المخصص في أصل زرارة وغيره من الأصول المتقدمة ، ومثل هذا ، قد يجعل دليلا على عدم وجوب الفحص رأسا عن المخصصات ويقال : بأنّ السيرة العقلائية منعقدة على هذا ، فحتى لو فرض ضيق في دائرة السيرة العقلائية بحيث انّها لا تشمل ما كان في معرض التخصيص من العمومات ، فمع هذا ، فإنّ سيرة المتشرعة تشملها.
وإمّا أن يجعل هذا دليلا على التفصيل بين خصوص الراوي الذي سمع الكلام من الإمام مباشرة وبين من لم يسمع منه كذلك ، فيقال : إنه في الأول لا يجب عليه الفحص ، وإنما يجب الفحص عن المخصص على الثاني.
وهذا التفصيل ، القدر المتيقن منه هو ، إنّ نفس الراوي السامع من الإمام مباشرة ، لا يجب عليه الفحص ، وهذا لا يمكن جعله دليلا على حجية العام قبل الفحص في حق كل راوي ، فإنّ الراوي غير المباشر عن الإمام ، يتمكن من الفحص ، فلا يكون ما رواه من عمومات حجة قبل الفحص ، وإلّا فلو وجب الفحص على من سمع مباشرة عن الإمام ، لوجدت حركة استنساخ فيما بين السامعين مباشرة من الأئمة ولنقلت إلينا ، لأنها ظاهرة ونقطة حساسة.
وأمّا غير السامعين مباشرة من الأئمة عليهمالسلام ، فلا يمكن الجزم به ، ولذلك نقتصر في وجوب الفحص على القدر المتيقن. إذن فلا يجعل هذا دليلا على حجية العام قبل الفحص في حق كل راوي.
وحينئذ ، فما هو الميزان في حجية العام قبل الفحص بالنسبة لمن روى مباشرة ، هل لأنّهم المخاطبون به ، أم لأن العام قطعيّ الصدور بالنسبة إليهم؟ فإن كان الميزان هو الأول ، أي لكونهم مخاطبين مباشرة ، فهذا معناه إنّ حجية العام تختص بهم ، ولا يمكن تسريتها إلى غير المخاطبين مباشرة ،