دعوى انّ أدوات الخطاب موضوعة للخطاب الحقيقي ، وانّ القائلين بالتعميم ، أي بوضع أدوات الخطاب للموجودين والمعدومين ، المشافهين والغائبين ، مرجع قولهم إلى دعوى انّ أدوات الخطاب موضوعة للخطاب الإنشائي ، وهذا الأخير هو مختار السيد الخوئي (قده)
ولكن كلا المرجعين لا يخلو من إشكال.
أمّا المرجع الأول فيرد عليه ، انّ الخطاب الحقيقي مدلول تصديقي للكلام ، لا تصوري ، لأنّ الخطاب الحقيقي ، كالطلب الحقيقي والتمني والاستفهام الحقيقي ، ونحو ذلك من الدواعي الجدية ، وهذه كلها مداليل تصديقية للكلام.
والمشهور الذين وقع بينهم هذا النزاع ، لم يكونوا يرون انّ المدلول التصديقي مدلول وضعي ، وذلك خلافا للسيد الخوئي (قده) (١).
وقد ذكرنا فيما سبق ، انّ الدلالة الوضعية ، هي الدلالة التصورية ، وعليه : فلا داعي لأن يفترض فيهم انّهم يريدون انّ أدوات الخطاب موضوعة للخطاب الحقيقي ، لأنّ معنى ذلك ، أخذ المدلول التصديقي ـ الحقيقي ـ في المعنى الموضوع له أدوات الخطاب ، وهو غير صحيح عندهم ، وباطل عندنا.
فتفسير كلام هؤلاء القائلين بالاختصاص بهذا المعنى لا ينطبق على واقع الحال.
وأمّا المرجع الثاني : وهو القول بعدم الاختصاص ، بل للعموم ، بدعوى انّ أدوات الخطاب موضوعة للخطاب الإنشائي ، فهذه الدعوى أيضا لا تخلو من غموض.
ويرد عليها : انّه إن أريد من كونها موضوعة للإنشائي ، أنّها موضوعة لإبراز قصد تفهيم المخاطب ، فهذا هو عين القول الأول ، بأنّها
__________________
(١) محاضرات فياض ـ ج ٥ ـ ص ٢٨٢ ـ ٢٨٣.