موضوعة للخطاب الحقيقي ، التي أنكر السيد الخوئي وضع أدوات الخطاب لها ، وإن أريد من كونها موضوعة للإنشائي أنّها موضوعة لإيجاد التخاطب بحسب عالم اللفظ فقط ، نظير إيجاد التمني والاستفهام باللفظ ، فهذا يناسب مع مسلك صاحب الكفاية (قده) (١) القائل : بأنّ الجمل الإنشائية أو الخطاب الإنشائي موضوع لإيجاد المعنى باللفظ ، فالجملة الطلبية عنده (قده) موضوعة لإيجاد معنى الطلب باللفظ.
وهذا المسلك ، لا يناسب مسلك السيد الخوئي (قده) القائل : بعدم معقولية إيجاد المعنى باللفظ وأنّ الجمل الإنشائية غير موضوعة (٢) لذلك.
والصحيح ، هو ان أدوات الخطاب ـ بناء على ما هو المختار ، من انّ الدلالة الوضعية تصورية دائما سواء في الإنشاء أو الإخبار ـ كسائر أدوات الإنشاء ـ موضوعة بإزاء نسبة تصورية مخصوصة بين المخاطب والمخاطب ، كالنسبة الطلبية والاستفهامية ونحوها ممّا نعبر عنها بمفهوم اسمي هو المخاطبة والنسبة الخطابية ، فتكون أدوات الخطاب دالة على هذه النسبة دلالة تصورية على حدّ دلالة صيغة «افعل» على النسبة الإرسالية ، ثم إن وجد مدلول تصديقي على طبق هذا المدلول التصوري ، فهذا معناه : إنّ المتكلم جاد في هذه المخاطبة ، وإن لم يكن جادا ، بقي المدلول التصوري بلا مدلول تصديقي ، فمثلا : صيغة «افعل» موضوعة للنسبة الخاصة بين المخاطب والمخاطب ، فإن كان المتكلم جادا ، إذن فقد تطابق المدلول التصوري مع المدلول التصديقي ، وإلّا فلا.
إذن فلا إشكال في انّ أدوات الخطاب موضوعة لسنخ مدلول تصوري محفوظ في حالتي الجد والهزل ، كما هو الحال في سائر الجمل ، وحينئذ ، لا يكون أحد الاستعمالين مجازا ، بل مع الجد يتطابق المدلولان التصوري والتصديقي ، ومع عدم الجد ينفك أحدهما عن الآخر ، فلا تطابق.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ الخراساني ـ ج ١ ـ ص ٢٢ ـ ٢٣.
(٢) المرجع السابق ، فياض ج ٥ ص ٢٨٢ ـ ٢٨٣.