والحاصل هو ، انّ اصالة عدم الاستخدام لا تجري في نفسها في محل النزاع باعتبار انّ المفروض هو العلم بالمراد من الضمير ، وهو بعض العام ، وإنّما الشك في كيفية الإرادة ، وفي مثله ، لا تجري اصالة عدم الاستخدام.
وهذا الإشكال له نظائر في موارد أخرى في كلمات المحققين.
منها ما تقدم في بحث العام والخاص في مورد دوران الأمر بين التخصيص والتخصص ، فيما إذا علم انّ الفرد ليس من أفراد العام ، وشكّ في فرديّته للعام ، فيكون الأمر دائرا بين التخصيص والتخصص.
وقد قيل هناك في اصالة العموم ، نفس ما قيل في اصالة عدم الاستخدام ، أي انّ اصالة العموم لا تجري ، لأنّ الشك في الاستناد وليس في المراد ، بينما موردها إنّما الشك في المراد.
ومنها ـ ولعلّه الأصل لهذه القاعدة ـ ما كان يستدل به السيد المرتضى (قده) على الوضع بالاستعمالات الواردة في كتب الأدب واللغة وانّ الاستعمال علامة الحقيقة ، حيث اعترض عليه المحققون ، بأنّ اصالة الحقيقة لا تجري في مورد يعلم فيه بالمراد الاستعمالي للمتكلم ، ويشك في الاستناد وكيفية الاستعمال ، وإنّما تجري عند ما يكون الشك في المراد ، وهنا في محل الكلام ، الشك في الاستناد.
ومن هنا صيغت نظرية عامة ، وطبّق ذلك على الأمثلة المتقدمة وهي : انّه كلّما كان الشك في كيفية إرادة المعنى من اللفظ ، فلا تجري اصالة الحقيقة.
وهذه النظرية والأمثلة المتقدمة كلها بما أنها ترجع إلى أصل واحد ، وهو اصالة الظهور ، إذن فتكون القاعدة هي ، انّه كلّما كان الشك في كيفية إرادة المعنى من اللفظ ، فلا تجري اصالة الظهور.
وكأنّ هذا المطلب اعتبر في كلماتهم بأنه نحو تخصيص في حجية اصالة الظهور ، باعتبار انّهم رأوا انّ مقتضى طبع الظهور هو إثبات عدم التخصص وعدم الاستخدام.