وهذا التفصيل معقول لو ثبت من العقلاء باعتبار نكتة نفسية ، وهي إدانة المتكلم بكلامه ، فإنّ كل إنسان مأخوذ بظاهر كلامه ، فهذه الإدانة تقتضي تتميم الكشف لظواهر الكلام دون ظواهر الحال لعدم وجود نكتة الإدانة في ظواهر الحال.
نعم ظهور الحال إذا بلغ ظهور الكلام يكون حجة لما عرفت.
والخلاصة : هي انّ الحجج العقلائية في غير موارد الاطمئنان تبتني على أحد أمرين ، إمّا كاشفية وإمارية قائمة على أساس حساب الاحتمال ، وإمّا نكتة نفسيّة موضوعية كالإدانة وتحميل المتكلم ظاهر كلامه.
وعليه ، فليس كل ظن حاصل من حساب الاحتمال يكون حجة.
ومن هنا. فإنّ صاحب الكفاية (قده) ، ومن تبعه ، ممن صاغوا هذه القاعدة ، وادّعوا انّ حجية الظهور لم تثبت إلّا بالسيرة العقلائية وبناء العقلاء ، وانّ القدر المتيقن من هذه السيرة هو البناء على حجية الظهور في مورد الشك في المراد لا الاستناد. ظاهر قولهم هذا ، التسليم بوجود الظهور ، وانّ هذا الظهور حجة فيما إذا كان الشك في المراد ، وغير حجة عند ما يكون الشك في الاستناد ، وانّ هذا تخصيص في حجية اصالة الظهور ، وانّ هذا التخصيص في الحجية إنّما هو لضيق دليل الحجية ، حيث انّه دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقن كما عرفت.
وحينئذ نقول : بأنّ السيرة العقلائية إذا كانت هي دليل حجية الظهور ، وفرض انّ العقلاء يفصلون بين موارد الشك في المراد وبين موارد الشك في الاستناد. إذن لا بدّ لهم في إثبات نكتة فرق بين الموردين تكون موجودة في أذهاننا أو ولو بعض المرتكزات العقلائية بحيث إذا رجعنا إليها تثبت ذلك الفرق ، وذلك باعتبار انّنا من عصابة العقلاء.
والظاهر انّ نكتة الفرق موجودة عندنا ، سواء أريد بها النكتة الأولى ـ الطريقيّة ـ أو النكتة الثانية ـ النفسيّة ـ لكن ليس في جميع موارد هذه