مرحلة المدلول التصوري ، قبل أن تصل النوبة إلى مرحلة المدلول التصديقي أو مرحلة المدلول الجدي ، وحينئذ ، عند ما نلحظ مرحلة المدلول التصوري في المقام ، نرى انّ لفظة المرجع ـ «العالم» ـ لها مدلولان تصوّريان ، ولنفرض انّ له معنيان ، إمّا حقيقي ومجازي ، كما في العموم والخصوص ، أو معنيان حقيقيان ، كما لو قال : «رأيت أسدا وقتلته» ، فكلمة ، «أسد» ، في مرحلة المدلول التصوري ، لها مدلولان تصوّريان ، أحدهما ، «الحيوان المفترس» ، والآخر «الرجل الشجاع» ، إمّا بوضعين ، أو حقيقة ومجاز ، و
حينئذ ، الضمير في قوله : «وقتلته» يجب أن يتطابق مع المدلول التصوري ، فلو كنّا نقصد «بأسد» ، الحيوان المفترس ، و «بالضمير» في قتلته ، «الرجل الشجاع» ، فهنا نسأل هل إنّ «الضمير» وضع لكي يتطابق مع المدلول التصوري للمرجع ، أو مع المدلول الاستعمالي للمرجع؟ فإن قلت إنّ الضمير ، وضع ليتطابق مع المدلول الاستعمالي للمرجع ، فإذن هنا لم يتطابق معه ، لأنّ المدلول الاستعمالي للمرجع هو الحيوان المفترس ، والضمير هنا لم يرد به الحيوان المفترس ، وإنّما أريد به الرجل الشجاع.
لكننا هنا أبطلنا هذا ، وقلنا : إنّه لا معنى لإناطة المدلول التصوري للضمير بالمدلول الاستعمالي التصديقي للمرجع ، بل يجب أن ننيطه بالمدلول التصوري للمرجع ، إذ من الواضح انّ الرجل الشجاع مدلول تصوري للمرجع سواء كان مرادا للمتكلم أم لم يكن.
إذن ، فالتطابق بين الضمير والمرجع في مرحلة الاستعمال ، إن أريد به التطابق ، بمعنى انّ الضمير موضوع لما هو المراد الاستعمالي من المرجع ، فهذا معناه : جعل المدلول الوضعي التصوري للضمير في طول المدلول الاستعمالي التصديقي للمرجع ، فلو قبل هذا الكلام بلا مدلول استعمالي ، إذن ، ما هو مدلول الضمير ، ألم يكن له مدلول في اللغة؟ ولو قيل : إنّ الضمير موضوع لغة لما هو مدلول تصوري للمرجع في نفسه ، سواء كان مرادا أو لم يكن ، إذن هذا معناه : إلغاء اصالة عدم الاستخدام رأسا ، ومعناه انّه يجوز أن يراد من المرجع أحد معنيين ، ومن الضمير معنى آخر ، لأنّ هذا