المفهوم والعام إلى المعارضة بين المنطوق والعام ، وذلك للتلازم بين المنطوق والمفهوم ، وهنا في مثل هذين الدليلين ، ينبغي أن نتعامل معهما معاملة العامين من وجه ، وإن لم يكونا عامين من وجه حقيقة ، وذلك لأنهما متباينين منطوقا ، ولا اجتماع لهما في مورد واحد ، فلا تعارض بينهما منطوقا ، لأنّ أحدهما في موضوع غير موضوع الآخر ، فمثلا ، لو ورد : «لا تكرم الفسّاق ، وأكرم الجيران العدول للهاشميين» ، وهذا يحرّم إكرام الفسّاق ، لكن مفهوم الموافقة لهذا هو وجوب إكرام الهاشمي بطريق أولى ، فالمعارضة تنشأ بين العام والمفهوم ، لا المنطوق والعام ، فبين المنطوقين لا توجد نسبة منطقيّة ، لكن يعامل معهما معاملة العامين من وجه حكما لا حقيقة ، وإذا عاملناهما معاملة العامين من وجه ، وقع التعارض بينهما وتساقطا ، من دون أن نلحظ النسبة بين المفهوم والعام ، سواء كان المفهوم أخص أو أعم ، إذ هنا ، لا أخصيّة المفهوم تنفع في تقديمه على العام ، ولا أعميّته تنفع في أن يقدّم العام عليه ، وذلك ، لأنّه إذا فرضنا ان المفهوم كان أخص ، فأخصيّته إنّما تنفع لو ثبت في نفسه ، وثبوته فرع ثبوت إطلاق المنطوق ، وإطلاق المنطوق ، طرف للمعارضة مع العام ، وهما متكافئان بحسب الفرض لا ميزة لأحدهما على الآخر ، فلا موجب لتقديم أحدهما ، وكذلك لو فرض انّ المفهوم كان أعم ، فإنّ أعميّته لا تنفع في تقديم العام عليه باعتبار انه أخص منه ، لأنّ تقديم العام على المفهوم فرع نجاة العام من المعارضة مع إطلاق المنطوق ، والمفروض إنّ العام والمنطوق متكافئان ، فلا موجب لتقديمه على إطلاق المنطوق ، فإنّهما إطلاقان لا يصلح كل منهما أن يكون قرينة على التصرف في الآخر ، وقد علم إجمالا بكذب أحدهما ، فيتعارضان ويتساقطان من هذه الناحية.
ثم انّه ينبغي أن يعرف ، بأنّ مفهوم الموافقة يختلف عن مفهوم المخالفة في كيفيّة الاستفادة من الدليل ، وهذا الاختلاف ، يترتب عليه الاختلاف في علاج المعارضة واتخاذ المواقف.
فمفهوم الموافقة ، عبارة عن وجود أو ثبوت حكم يكون من لوازم