الموضوع له اللفظ فإنّه يكون حينئذ مأخوذا في مرحلة المدلول التصوري ، وهذا هو سرّ ما كنّا نقوله سابقا من أنّ الإطلاق مدلول تصديقي للكلام لا تصوري.
وأمّا بناء على مستوى المدلول التصوري ، فقد عرفت أنّ الإطلاق ليس مدلولا تصوريا للفظ ، لأنّ اللفظ بالدلالة التصورية إنّما يدلّ على المعنى الذي وضع له ، وقد عرفت بما تقدّم ، أنّ المعنى الموضوع له اللفظ إنّما هو الطبيعة المهملة العارية عن الإطلاق والتقييد ، إذن فلا يدخل الإطلاق في نطاق المدلول التصوري للفظ.
وهنا قد يقال : بأنّ الوجدان قاض بثبوت الإطلاق في مرحلة المدلول التصوري للفظ ، لأنّه إذا سمعنا جملة «أحلّ الله البيع» ، أو «البيع حلال» ثم حسبنا حساب الصورة الذهنية التصورية التي ترد إلى الذهن بسبب هذا اللفظ ، نجد أنّها صورة للماهية بلا لحاظ أيّ قيد زائد عليها ، والمفروض أنّه ليس معنى الإطلاق إلّا هذا ، ومن هنا يكون الإطلاق محفوظا ـ بهذا المعنى ـ في الصورة الذهنية التصورية ، حتى لو سمعنا هذا الكلام «أحلّ الله البيع» ، من الحجر ، أو لافظ بلا شعور ولا اختيار.
وهذا الكلام فيه من الخطأ ما لا يخفى ، إذن فلا بدّ من توضيح الخطأ فيه.
وحاصله : هو أنّه لا إشكال في ثبوت الإطلاق في الصورة الذهنية الحاضرة في ذهن السامع تصورا عند سماعه هذا الكلام ـ بناء على أنّ الإطلاق هو عدم لحاظ القيد ـ لكن هذا الإطلاق لم ينشأ في الذهن من دلالة اللفظ عليه ، بل نشأ من عدم دلالة اللفظ على القيد ، وكم فرق بين المنشأين ، ففي مثل «أحلّ الله البيع» تنتقش في الذهن طبيعة وماهيّة البيع بلا قيد.
إذن فهنا أمران : الأول منهما وجودي ، وهو تصوّر ماهية البيع ، والثاني منهما عدمي ، وهو عدم تصوّر القيد ، ومحتوى الأمر الوجودي هو مدلول للفظ ، وأمّا الأمر العدمي ، وهو عدم تصوّر المعاطاتية ، أو العقديّة ، فهو لم