يبيّن بشخص كلامه ، وهذا خلف الظهور الأول ، وإذا كان خلفه ، فيتعيّن ببرهان الظهور الأول انّ تمام مرامه هو المقيّد ، وبهذا نحفظ الظهور الثاني أيضا.
وكل هذا إلزام لصاحب الجواب ، وانّ معنى كون وفاء الكلام بتمام المرام هو ، إبراز تمام موضوع الحكم في المرام بالكلام ، وهذا لا يتحقق بناء على إرادة المقيّد ، حتى لو كان المقيّد قدرا متيقنا في مقام التخاطب.
فالصحيح هو ، انّ الإطلاق الحكمي يجري في موارد القدر المتيقن التخاطبي فضلا عن موارد القدر المتيقن من الخارج.
ومما ذكرناه ، يتضح وجه النظر فيما أفاده المحقق الخراساني ، حيث جعل المقدمة الثالثة من مقدمات الحكمة هو عدم وجود قدر متيقن في مقام التخاطب (١).
ونحن في مقام المقارنة بين طرز تفكيرنا وطرز تفكيره ، والمقارنة بين المطلق والمقيّد ، نقول : لو ورد عندنا خطاب ـ «أكرم العالم» ـ وكان يوجد «مائة عالم» ، منهم خمسون هاشميون ، وخمسون غير هاشميين ، وتردّد الأمر بين ثبوت الحكم للمطلق أو للمقيد ، إذ قد يكون وجوب الإكرام ثابتا لمطلق العالم ، وقد يكون ثابتا للمقيد ، أي لخصوص «العالم الهاشمي» ، وفي مقام ملاحظة النسبة بين المطلق والمقيد ، يوجد تصوران.
التصور الأول : هو أن نقارن بينهما بملاحظة الأفراد التي يثبت لها الحكم في الخارج ، لنرى أنّ أيّهما أزيد بلحاظ الأفراد.
فنقول : لو كان الحكم ثابتا للمطلق ، إذن يجب إكرام كل المائة ، ولو كان الحكم ثابتا للمقيّد ، إذن ، يجب إكرام خصوص الخمسين الهاشميين ، وهنا : المطلق أزيد من المقيد.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ الخراساني ـ ج ١ ـ ص ٣٨٤.