وقد قلنا نحن سابقا : إنّ هذه المقدمة تعبّر بشكل «ما» عن ذلك الظهور الحالي السياقي الذي قلنا عنه انّه الأساس في استفادة وإثبات الإطلاق بالبيان المتقدم.
وبناء عليه : فإن كان مراد المحقق الخراساني (قده) من الأصل العقلائي المذكور هو هذا الظهور الذي ذكرناه ، وإنّما عبّر عنه بالاصل تسامحا ، إذن ، فهذا عين ما نقصده ، وإن كان مراده بالاصل الحجية والقرار العقلائي كما هو المتعارف ، أي أنه اصل برأسه ، فليس عندنا اصل من هذا القبيل ، مع قطع النظر عن الظهور المذكور ، وإنّما عندنا ظهور حالي سياقي ، أو عندنا اصالة الظهور.
إذن ، فاصالة كون المولى في مقام البيان ، إن أرجعناها إلى نفس الظهور ، فهذا هو مقصودنا ، وإن أريد بها اصل برأسه في مقابل اصالة الظهور ، فلا أصل عندنا من هذا القبيل ، بل ولا نحتاج إلى اصل برأسه من هذا القبيل عند الالتفات إلى هذا الظهور وانّ كل ظهور حجّة.
إذن ، فجوهر القضيّة هو هذا الظهور الحالي السياقي ، وانّ المولى في مقام بيان تمام مرامه بكلامه.
ثم إنّ هذا الظهور الذي ترمز المقدمة الأولى إليه. لا يعني أنّ المولى في مقام بيان أيّ شيء ، وإنّما يعني ، أنّ الشيء الذي يكون المولى في مقام بيانه ، ظاهره أنّه في مقام بيان تمامه ، لا بيان بعضه وإهمال وإجمال الآخر ، يعني أنّ الكلام إذا صدر من المتكلم لا بدّ وأن يكون بصدد معنى وتعيين المعنى يكون بظهور عرفي لفظي غير مقدمات الحكمة. وبعد ذلك يقال : إنّ ظهور حال المتكلم أنّه في مقام بيان تمام ذلك المعنى لا حصة منه فقط ، ومن هنا ، حينما يقال : إنّ هذا الكلام ليس في مقام البيان من تلك الجهة ، فليس هذا على خلاف ما يقال ، من أنّ الأصل كون المتكلم في مقام البيان ، لأنّ هذا الظهور الحالي الذي هو جوهر مقدمات الحكمة ليس وظيفته تعيين مفاد الكلام كما تقدّم ، بل بعد ذلك يأتي الظهور الحالي فيقول : إنّ الظاهر من حاله أنّه يبيّن تمام ذلك الشيء بحدوده.