الشمولية والبدلية ، أمّا كونه شموليا أو بدليا فهذا يتعين بمقدمة أخرى تضاف إلى مقدمات الحكمة ، وهذه المقدمة الإضافية هي في موارد الشمولية غيرها في موارد البدلية ، ففي موارد الشمولية يقال : إنّه بمقدمات الحكمة نثبت نفس الإطلاق ثم يدور الأمر بين كون هذا الإطلاق شموليا أو بدليا ، وبإضافة مقدمة : وهي انّ البدلي مستحيل عقلا ، تصير هذه المقدمة الحاكمة بالاستحالة قرينة عرفية على تعيين الشمولية ، إذن فاستحالة كون الإطلاق بدليا يكون قرينة عرفية على كونه شموليا ، ففي قول المولى «لا تكذب» ، مقتضى مقدمات الحكمة انّ الحكم فيه مطلق ، والمقدمة الإضافية تقول : إنّ البدلية غير معقولة ، لأنّ حمل هذا الخطاب على البدلية معناه : انّ المولى يريد الاجتناب عن كذب واحد ، ومن الواضح أنّ المكلف لا يمكنه تحقيق امتثال ذلك ، حيث أنّه لا يمكنه أن يكذب كل الكذب الموجود في الدنيا ما عدا كذبا واحدا يجتنبه للنهي ، لأنّ المولى لا يأمر باجتناب كذب واحد فقط ، لأنّ الكذب الواحد فقط حاصل قهرا عند كل إنسان ، إذن فيكون خطاب المولى هذا لغوا ، وحينئذ ، ما دام انّه تعذّر الإطلاق البدلي ، يتعيّن كون الإطلاق شموليا ، وكذلك في موارد البدلية نحتاج إلى مقدمة إضافية غير الأولى ، تثبت أنّ الشمولية مستحيلة ، واستحالة كون الإطلاق شموليا يكون حينئذ قرينة عرفية على كونه إطلاقا بدليا ، كما في قوله «صلّ» ، إذ بمقدمات الحكمة نثبت اصل الإطلاق ، والشمولية البحتة غير معقولة ، لأنّه لا يمكن لمكلف أن يأتي بكل الصلوات الممكنة ، وهذا يكون قرينة عرفية على انّ الإطلاق بدلي بحت.
وهذا المسلك غير تام ، فإنّه لم يضع يده على سرّ فذلكة المسألة ، وذلك أنّه ليس دائما إذا عيّنّا كون الإطلاق بدليا تكون الشمولية مستحيلة ، وكذا العكس ، إذ قد تتعيّن الشمولية مع انّ البدلية تكون ممكنة ، ففي قوله : «أكرم العالم» ، إذا أجرينا مقدمات الحكمة في الموضوع ، وهو «العالم» ، يكون الإطلاق فيه شموليا بحسب الفهم العرفي ، بينما في هذا المورد ، البدلية غير مستحيلة ، إذ من المعقول أن يحكم المولى بوجوب إكرام عالم واحد كما