لو قال : «أكرم عالما واحدا» ، أو «واحدا من العلماء» ، فإنّ هذا معقول ، وإذا كان كل منهما ممكنا ، فلما فهم العرف الشمولية دون البدلية في المثال؟ وهذا يكشف أنّ الفذلكة ليست هي بإضافة إحدى تلك المقدمتين ، إذ قد يفرض إمكانهما مع أنّ العرف يعيّن أحدهما فقط ، إذن فيبقى السؤال ، لما ذا اختلفت النتيجة في مقدمات الحكمة؟ إذن يوجد نكتة أخرى غير ما ذكر.
٢ ـ المسلك الثاني : هو المستفاد من كلمات المحقق العراقي (١) (قده).
وحاصله : هو انّ مقدمات الحكمة لو خليت وطبعها لكانت تنتج دائما الإطلاق البدلي ، والإطلاق الشمولي عناية زائدة ثبوتا يحتاج إلى قرينة أخرى وراء مقدمات الحكمة إثباتا.
وتوضيح ذلك : هو انّ مقدمات الحكمة تثبت انّ مصب الحكم وموضوعه هو الطبيعة بلا قيد زائد عليها ، وهذا معناه : انّ ما هو موضوع الحكم هو الطبيعة بين القليل والكثير أو الواحد والمتعدد ، إذن ، فهي بهذا المعنى تصدق على كل منهما. وهذا معناه كفاية الإتيان بفرد واحد في مقام الامتثال لأنّه محقّق للجامع الذي وقع موضوعا للحكم.
والاكتفاء بواحد في مقام الامتثال ، يعني : انّ الإطلاق بدلي ، إذ ليس معنى البدليّة إلّا ما يكفي في مقام الامتثال الإتيان بفرد واحد ، وهنا : مقدمات الحكمة تقتضي هذه النتيجة ، لأنّها تثبت انّ متعلق الحكم هو الجامع بين الواحد والأكثر ، وهذا معنى الإطلاق البدلي ، فلو أراد المولى حينئذ إلزام المكلّف بأن يأتي بتمام الافراد ، إذن ، لا بدّ له من أن يلحظ الطبيعة فانية وسارية إلى تمام الافراد ، وهذه عناية زائدة تحتاج إلى قرينة ، فإن دلّت قرينة خاصة عليها فهي ، وإلّا فمقتضى الأصل والطبع الأولي لمقدمات الحكمة هو الإطلاق البدلي.
وهذا المسلك غير تام ، وذلك :
__________________
(١) مقالات الأصول ـ العراقي ـ ج ١ ـ ص ١٦٩.