أولا : لما تقدم من انّ الطبيعة في موارد الإطلاق لا ينظر فيها إلى الأفراد ، لا على سبيل البدل ، ولا على سبيل الشمول والاستيعاب ، بل الملحوظ فيها هو ذات الطبيعة ، إذن ، فافتراض انّ الشمولية تحتاج إلى عناية ثبوتية زائدة ـ وهي ملاحظة الطبيعة سارية إلى تمام الأفراد بحيث يرى فيها كل الأفراد ـ غير صحيح ، لأنّ الأفراد كثرة ، وهذه الكثرة لا ترى بالمفهوم الواحد المنتزع من الحيثية المشتركة بين سائر الأفراد ، وإلّا رجع المطلق إلى العموم الأداتي وكان مثله.
وثانيا : إنّ ما افترضه من احتياج الإطلاق الشمولي إثباتا إلى قرينة إضافية تضاف إلى مقدمات الحكمة ، فهذا أيضا خلاف الواقع خارجا ، إذ أيّ قرينة تثبت أنّ «العالم» في قوله : «أكرم العالم» مطلق إطلاقا شموليا ، مع انّه ليس عندنا إلّا مقدمات الحكمة ، إذن كيف فهمنا الشمولية؟
٣ ـ المسلك الثالث : في تفسير هذه الظاهرة هو ، المستفاد من كلمات المحقق الأصفهاني (قده) ، وحاصله : عكس ما ذكره العراقي (قده) ، أي أنّ مقدمات الحكمة لو خلّيت ونفسها لاقتضت الإطلاق الشمولي دائما ، فالشمولية هي الأصل في الإطلاق وانّ البدلية هي التي تحتاج إلى عناية زائدة ثبوتا ، وإلى قرينة خاصة إثباتا.
وتوضيحه : هو انّه في موارد الإطلاق حينما تجري مقدمات الحكمة يثبت بها انّ هذا الحكم رتّب على هذا الموضوع ، «أكرم العالم».
ومن الواضح : انّ هذا العنوان الذي أخذ موضوعا ومصبا للحكم ، لم يؤخذ بما هو أمر ذهني ، بل أخذ بما هو مرآة وفان في الخارج ، وحينئذ ، فأيّ خارج يكون منطبقا عليه ومرئيا به يثبت له الحكم ، فحينما نقول : «الخمر حرام» ، فالخمر هنا ، ملاحظ بما هو فان ومرآة للخارج ، إذن ، فأيّ خارج ينطبق عليه هذا العنوان وهذه المرآة ، يكون محرما ، وهذا هو معنى الإطلاق الشمولي.
وأمّا الإطلاق البدلي ، فيحتاج إلى عناية زائدة ثبوتا ، وهي تقييد هذه