الطبيعة بقيد الوجود الأول ، ففي قولنا : «الخمر حرام» ، نثبت الشمولية ، ولكن حينما نقول : «الصلاة واجبة» ونحن نريد البدلية ، فلا بدّ من إعمال عناية ثبوتية ، وهي تقييد قولنا هذا ، «بالوجود الأول» ، فنقول : «الوجود الأول للصلاة واجب» ، وحينئذ ، من المعلوم أنّ الوجود الثاني لا يكون واجبا ، باعتبار عدم انطباق العنوان الثابت له الحكم عليه ، إذن ، فالبدلي بلحاظ الأفراد الطوليّة يكون بتقييد الطبيعة بالوجود الأول ، وهذا عناية زائدة ثبوتا ، وبحاجة إلى قرينة خاصة إثباتا.
وهذا المسلك غير تام أيضا ، لأنّ الإطلاق البدلي في مورده ليس بحاجة إلى عناية ومئونة زائدة ثبوتا ، ولا إلى قرينة خاصة إثباتا.
وكأنّ هذه المسالك المتقابلة في الأجوبة على تلك الظاهرة ، ناتجة عن عدم وضع اليد على فذلكة المطلب التي بها يتم تفسير إنتاج مقدمات الحكمة ، للإطلاق الشمولي تارة ، وللإطلاق البدلي تارة أخرى.
وحلّ السؤال ، وتحقيق الحال ، يتوقف على بيان مقدمة ، حاصلها : هو انّ البدلية والشمولية لها معنيان :
١ ـ المعنى الأول : هو أن تكون الشمولية والبدليّة بحسب عالم الحكم ، بمعنى انّ الإطلاق البدلي يراد به ، انّ هناك حكما واحدا ، والشمولي يراد به انّ هناك أحكاما متعددة ، ولكل واحد منها عصيان وامتثال مستقل ، كما في قوله : «أكرم العالم» ، و «لا تشرب الخمر» ، وهذا هو محلّ الكلام.
٢ ـ المعنى الثاني : هو أن تكونا ـ بعد الفراغ عن كون الحكم واحدا ـ بحسب عالم الامتثال والخروج عن عهدة هذا الحكم الواحد ، فيكون في قوله : «صلّ» ، الحكم واحد. وكذلك في قوله «لا تشرب الخمر» ـ لو فرضنا انّ الحكم واحد ـ فمع هذا نقول :
إنّ امتثال الأمر بدلي ، وامتثال النهي شمولي ، لأنّ إيجاد الطبيعة يكون بفرد واحد في امتثال الأمر ، بينما في امتثال النهي ، لا يكون إعدام الطبيعة إلّا بانعدام جميع أفرادها ، كما هو الصحيح ، وكما ذهب إليه صاحب