الكفاية (قده) في تفسير هذا الاختلاف في بحث الأوامر حيث قال : إنّ هذا مربوط بنكتة عقلية وهي ، انّ الطبيعة في الأوامر توجد بفرد واحد ، بينما امتثال طلب إعدامها في النواهي لا يكون إلّا بإعدام جميع أفرادها ، وإن ناقش في ذلك السيد الخوئي (قده) والمحقق الأصفهاني (قده) ، وقد ناقشناهما في محلّه ، وبرهنّا على صحة ما ذكره في الكفاية.
ولكن الكلام ليس هنا ، وإنّما الكلام في المعنى الأول أي في معنى البدليّة والشموليّة في وحدة الحكم وتعدّده ، حيث يكفي في المعنى الثاني ما ذكره صاحب الكفاية كما نقلناه إليك.
وأمّا البدلية والشمولية بالمعنى الأول فنقول : إنّ الأصل في كل إطلاق بلحاظ الموضوع ، ان يكون شموليا إلّا إذا قامت قرينة على البدليّة ، وانّ الأصل في كل إطلاق بلحاظ المتعلّق أن يكون بدليا إلّا إذا قامت قرينة على الشمولية ، ففي قوله : «أكرم العالم» ، موضوع ، هو «العالم» ، ومتعلّق ، وهو «الإكرام» ، فإطلاقه من ناحية «العالم» ، الأصل فيه الشمولية ، وإطلاقه من ناحية «الإكرام» ، الأصل فيه البدليّة.
وهنا لنا كلامان :
الكلام الأول : هو انّ الأصل في علاقة الحكم بموضوعه أن يكون ارتباطه به شموليا.
وتوضيحه : هو ، انّ كلّ حكم بالنسبة إلى موضوعه يشكّل قضية حقيقية ، يعني انّ الموضوع يكون مفروض الوجود ، فالعلاقة بين «أكرم» ، و «العالم» ، في قوله : «أكرم العالم» ، مرجعها إلى قضية حقيقية يكون موضوعها مقدّر الوجود ، وكلّ قضية حقيقية يكون موضوعها هكذا ، ترجع ـ كما مرّ معنا ـ إلى قضية شرطية ، شرطها تقدير وجود الموضوع ، وجزاؤها ، المحمول ، وهو الحكم ، إذن فمرجع قضية «أكرم العالم» ، إلى قولنا : إذا وجد عالم فأكرمه ، وكلّ قضية حقيقية شرطية يكون موضوعها مقدّر الوجود ، يكون لها عالمان أو مرحلتان.