قابلية أن يثبت تعدد الحكم إلّا إذا قامت قرينة عرفيّة من الداخل أو الخارج على انّ الحكم متعدّد كما هو الحال في النهي بالنسبة إلى متعلّقه ، فإنّ النهي بالنسبة إلى متعلّقه ، وإن كان مقتضى الأصل فيه وحدة الحكم كما في خطاب لا تشرب الخمرة ، لأنّه لو خلّي وطبعه يقتضي أن لا يثبت إلّا حكما واحدا ، لكن وجود قرينة عرفية تدلّ على الشمول والكثرة ، وهي غلبة نشوء النهي عن المفسدة ، وغلبة كون المفسدة انحلاليّة متكثّرة يشكّل قرينة عرفية على الانحلال في المقام ، ولو لا هذه القرينة لكان مقتضى الاصل هو البدلية ، ولكانت القضية في خطاب «لا تشرب الخمر» قضية حقيقية لو خليت وطبعها ، بحيث لو شرب لعوقب مرة واحدة ثم يرتفع الخطاب ، ولكن كما قدّمنا لك بيانه وحقيقة مرامه.
٤ ـ التنبيه الرابع : في الانصراف :
والانصراف حالة معينة في اللفظ قد تؤدّي إلى عدم تمامية مقدمات الحكمة ، ويقصد بالانصراف أنس الذهن بحصة خاصة من حصص الطبيعة التي وضع اللفظ لها ، وهذا الأنس يوجب انصراف اللفظ إلى تلك الحصة المأنوسة ، هذا بحسب المعنى.
وأمّا تحقيق حال الانصراف فنقول : إنّ انصراف اللفظ إلى خصوص حصة من حصص الطبيعة ، سببه أحد أمور ثلاثة.
١ ـ الأمر الأول : كثرة وجود هذه الحصة من بين سائر حصص الطبيعة خارجا ، وندرة وجود الباقي ، كما يتصور الإنسان أنّ الإنسان أسود فيما إذا كان يعيش في بلد يكثر فيه الإنسان الأسود ، وكذلك العكس ، فقد يتصوّر الإنسان أنّه لا أسود فيما إذا كان يعيش في بلد يكثر فيه الإنسان اللّاأسود ، فهذا أنس قائم على أساس كثرة الوجود خارجا ، والانصراف الذي ينشأ منه لا علاقة له باللفظ والدليل أصلا ، ولذا فهو لا أثر له في فهم المعنى من الدليل ، ولا يوجب هدم الإطلاق ، ولا إعاقة مقدمات الحكمة ، لأنّ هذا الانصراف لم يكن بسبب اللفظ ، اللهمّ إلّا إذا كانت ندرة هذا النادر الذي انصرف عنه