لكن ينبغي أن يعلم انّ هذا التعيين الذي تدلّ عليه «لام الجنس» والمسمّى بالتعيين الذهني ، ليس المراد منه محض الوجود الذهني ، إذ من الواضح انّ محض الوجود الذهني لا يجعل المعنى معرفة ، ولهذا قالوا : بأنّ اللحاظ الآلي مأخوذ في المعنى الحرفي ، ولم يتوهم متوهم انّ المعنى الحرفي يصبح معرفة لأجل ذلك ، بل المراد بالتعيين الذهني تطبيق الصورة الذهنية على الانطباعات المألوفة سابقا والمرتكزة في الذهن عن كلّ ماهية من الماهيات التي نشاهدها في الخارج ، وحينئذ ، كلمة «أسد» تدلّ على الماهية دون الإشارة إلى تلك الانطباعات المركوزة في الذهن عن «الأسد» تدلّ على الماهية دون الإشارة إلى تلك الانطباعات المركوزة في الذهن عن «الأسد» ، ولذا تكون نكرة ، بينما كلمة «الأسد» تدلّ على الماهية ، لكن على صورة ذهنيّة عن الماهيّة منطبقة على نفس تلك الانطباعات المألوفة للذهن والمركوزة فيه للماهية ، وبهذا يحصل التعريف ، فكأنّ هذا يشبه العهد الذكري.
هذا تمام الكلام في دلالة «اللّام» على التعريف.
ثم انّ هناك حالة رابعة لاسم الجنس يتميّز بها ، وهي حالة العلميّة ، فإنّ بعض أسماء الأجناس توصف بأنّها أعلام ، لغة ، والوجدان العرفي العربي على إبهامه ، يحس بفرق ما بين اسم الجنس وعلم الجنس ، إذ هناك فرق بين «أسد وأسامة» ، وبين «ثعلب وابن آوى».
إذن ، فلا بدّ من فرض ميزة في البين اقتضت أن يكون لفظ «أسامة وابن آوى» ، معرفة ، دون لفظ «أسد وثعلب» وفرّقت بينهما وبين أسماء الأجناس الاعتيادية ، وتلك الميزة يمكن أن تكون أحد احتمالات ثلاث.
١ ـ الاحتمال الأول : وهو أقربها ، هي ان تكون هذه الميزة هي التعيين الذهني الجنسي الذي تدلّ عليه «اللّام» عند دخولها على لفظ «أسد» ، وهذا التعيين هنا مستبطن في نفس مدلول لفظة «أسامة» ، فتكون موضوعة إذن بوضع واحد للماهيّة المتعيّنة بذلك النحو من التعين ، إذ من الواضح ، انّ الماهية ، تارة ، تلحظ بما هي هي ، وأخرى تلحظ بما هي مستأنس بها ذهنا سابقا ، فكأنّه من أجل هذا التعيّن الذي نشأ من الاستيناس الذهني بالماهية ، صارت لفظة «أسامة» معرفة وتميّزت عن لفظة «أسد».