الثانية هو ، عدم بيان القيد بنحو لو كان في مقابله عام لقيّده ، أي عدم بيان بلسان القرينية ، فحينئذ ، عدم تمامية مقدمات الحكمة ، وانهدام الإطلاق الحكمي ، والتخصص فيه ، يكون موقوفا على مصادرة في المرتبة السابقة ، وهي ان يثبت انّ طرز بيان القيد كان بلسان القرينيّة ، إمّا القرينيّة بمعنى الحكومة ، كما هي الحال في القسم الثاني من الأقسام الأربعة لكون دليل التقييد ناظرا إلى المطلق ، وإمّا بنحو القرينيّة النوعيّة ، كالأخصيّة ، لكي يحرز بذلك انثلام مقدمات الحكمة ، كما في القسمين الأخيرين الثالث والرابع.
والخلاصة : هي ، انّه في الأقسام الثلاثة الأخيرة ، أيضا الإطلاق منهدم وساقط تخصصا ، لكن يحتاج في إثبات انهدامه إلى فرض مصادرة وهي ، إثبات القرينيّة.
ثم إنّ هذا المقيّد قد يفرض انّه يتدخل في إثبات مفاده إطلاق من الإطلاقات ، بحيث انّه لو لا ذلك الإطلاق لم يكن موجب للتقييد أصلا ، كما لو قال : «لا يجب عتق الرقبة» ، و «أعتق رقبة مؤمنة» ، فإنّ قوله : «أعتق رقبة مؤمنة» مقيّد لقوله : «لا يجب عتق الرقبة» ، لكن هذا التقييد فرع ان نستفيد الوجوب من ظهور هيئة أعتق ، أي صيغة الأمر.
وأمّا لو كان مفاد هيئة الأمر هو الاستحباب ، لما كان هناك منافاة بين الجملتين ، «لا يجب ... وأعتق» ، وحينئذ ، إن قيل إنّ هيئة «أعتق» تدلّ على الوجوب بالإطلاق ، لا بالظهور ولا بالوضع ، إذن حينئذ لا يصير هذا المقيّد مقيدا إلّا بضم هذا الإطلاق ، وهذا يعني ، انّا نحتاج في انهدام الظهور الإطلاقي وسقوطه تخصصا في قوله : «لا يجب عتق الرقبة» إلى مصادرة على كل حال ، وهي إثبات كون صيغة «افعل» ظاهرة في الوجوب ، سواء بنينا في المقدمة الثانية من مقدمات الحكمة ، على انّ عدم البيان ، بمعنى عدم الإتيان بمطلق «ما» يكون صالحا بيانا للقيد ، أو بمعنى عدم بيان القيد بنحو القرينيّة ، إذ لو لا هذه المصادرة لصحّ لقائل أن يقول : إنّ هنا إطلاق في قبال إطلاق ، لأنّ قوله : «لا يجب عتق الرقبة» يشمل المؤمنة بالإطلاق ، وقوله : «أعتق رقبة