وفي كل هذه الأقسام التي ذكرناها وثبت فيها لزوم تقييد المطلق بالمقيد وتقديم المقيّد ، يسقط الظهور الإطلاقي فيها تخصصا واقتضاء لا تخصيصا ، لا مزاحمة ، بمعنى انّ الظهور الإطلاقي لا مقتضي له ، لا انه له مقتضي ويسقط عن الحجية لأجل التعارض بينه وبين دليل آخر مقدّم عليه ، وذلك لما أشرنا إليه في مقدمات الحكمة ، من انّ الإطلاق نتيجة لمقدمات الحكمة ، وإحدى مقدمات الحكمة هي عدم بيان القيد ، إذن فكل ما يصلح أن يكون بيانا للقيد يرفع موضوع الإطلاق ، فلا يبقى ظهور إطلاقي اقتضاء وملاكا ، وهذا معنى انّ الظهور الإطلاقي يسقط تخصصا.
وسقوط الإطلاق اقتضاء وذاتا أمر تشترك فيه جميع الأقسام السابقة ، ولكن تختلف في أمر ، وهو انّ بعضها تارة يدلّ بنفسه على هذا التخصص وارتفاع أصل مقتضي الإطلاق دون حاجة إلى ضمّ مصادرة ، وتارة أخرى ، يحتاج بعضها الآخر إلى ضمّ مصادرة خارجيّة حيث انّه لا يدلّ بنفسه على سقوط الإطلاق كما في الشقّ الأول ، فمثلا : في القسم الأوّل منها ـ وهو ما إذا ذكر القيد في الجملة الأولى بلسان «أعتق رقبة مؤمنة» ـ فهنا : انهدام مقدمات الحكمة بالقيد المذكور في الكلام ، وسقوط الإطلاق بذلك ، لا يحتاج إلى دعوى مصادرة إضافة إلى ما ذكرناه ، إذ هذا ممّا يبرهن عليه نفس مقدمات الحكمة بصيغتها السابقة ، لأنّ الإطلاق مرهون بعدم بيان القيد ، وقد بيّنه ، فارتفع مقتضي الإطلاق.
وأمّا في الأقسام الباقية ، فإن بني في المقدمة الثانية من مقدمات الحكمة على انّ المقصود من عدم بيان القيد ، هو عدم الإتيان بمطلق «ما» يصلح أن يكون بيانا للقيد ، إذن ، فهنا لا نحتاج إلى مصادرة إضافية ، لأنّه في جميع الأقسام الثلاثة إنّما حكمنا بحمل المطلق على المقيّد ، لأنّ القيد قد بيّن بلسان ، «ما» ، فصار الكلام دالّا على القيد بهذا المقدار ، وهو يكفي في عدم تماميّة مقدمات الحكمة ومن ثمّ سقوط الإطلاق.
وأمّا إذا بنينا هناك على انّ المقصود من عدم بيان القيد في المقدمة