د ـ القسم الرابع : أن يكون ما يراد جعله قيدا مذكورا في جملة ثانية وكان الحكم فيها متعلقا بالمقيّد مع كونه أمرا كما في : «أعتق رقبة ، وأعتق رقبة مؤمنة» ، وهنا : تارة يفرض استظهار وحدة الحكم المجعول في كلتا الجملتين في نفس الكلام ، وأخرى ، يستظهر تعدّد الحكم ، وثالثة ، لا يستظهر شيء من ذلك في أحد الأمرين من نفس الكلام.
وحينئذ ، فإن استظهر وحدة الحكم ، فلا إشكال في التقييد ، وذلك لاستحالة كون الحكم الواحد مطلقا تارة ، ومقيدا أخرى.
وإن استظهر تعدّد الحكم بقرينة «ما» ، حينئذ ، فلا تعارض أصلا بين المطلق والمقيّد ، ومعه ، فلا موجب لحمل المطلق على المقيّد ، إلّا إذا ثبت بدليل خارجي وحدة الحكم بنحو غلب على ذلك الاستظهار بالتعدّد ، حيث يصبح حكمه حكم المقيّد المنفصل.
وإن لم يستظهر أيّا منهما من ناحية نفس الكلام ، فقد يتوهم حينئذ ، انّ مقتضى القاعدة هو العمل بالمطلق والمقيّد معا ، لأنّه ما دام لم يعلم بوحدة الحكم ولم يحرز التعارض بينهما ، إذن لم يحرز التقييد ، وما لم يحرز التقييد لا ترفع اليد عن الدليل ، إذن ، فنعمل بهما ، ونثبت في طول العمل بهما تعدّد الحكم.
ولكن هذا التوهّم فاسد ، وذلك ، لأنّه إذا كانت الجملة الثانية ـ «أعتق رقبة مؤمنة» ـ مجملة باعتبار انّها مردّدة بين كونها معبّرة عن نفس الحكم ، وبين كونها معبرة عن حكم آخر ، إذن ، فتكون ممّا يحتمل قرينيّته ، ومع احتمال قرينيّتها على التقييد ، إذن ، لم نحرز المقدمة الثانية من مقدمات الحكمة ، ومعه ، لا يتم الإطلاق في الجملة الأولى ، وقد أوضحنا سابقا أنّ المقصود من بيان القيد ـ الذي عدمه ، يمثل المقدمة الثانية من مقدمات الحكمة ـ هو عدم إبرازه في قالب قابل لئن يبرز به ، وهذا المعنى من البيان محتمل الوقوع من المولى في هذا الكلام ، وحينئذ ، فلا تجري مقدمات الحكمة ولا يمكن التمسك بإطلاق الجملة الأولى.