وبناء على أن «اللّام» تدل على العموم ابتداء ، فيمكن القول حينئذ : بأنّها تلبس العموم ثوبا جديدا وهو ، الاستغراقيّة.
والصحيح هو ، أنّ العموم استغراقي ، حتى بناء على المسلك الثاني ، وهو ما يقتضيه الفهم العرفي.
وذلك لأنّ «اللّام» إذا دلّت على استغراق هيئة الجمع للمرتبة العليا ولو بتوسط دلالتها على التعيين ، فهذا يعني ، أنّ حيثية الوحدة الملحوظة في هيئة الجمع ليست حيثية العدد ، وإنّما هي حيثية اعتبارية محضة ، «التجميع» ، فقولنا : «أكرم عشرة علماء» ، ظاهر في المجموعيّة ، لأنّ حيثية العدد ، لها ما وراء ، بقطع النظر عن اعتبار المستعمل ، بينما في قولنا : «أكرم العلماء» ، يكون نظر المستعمل إلى الاستغراق ، ولذا نرى صدقه يزداد وينقص ، عشرة أو أكثر أو أقل ، وذلك لأنّ حيثيّة التوحيد اعتبارية محضة ، ولذا تطرح بحسب الفهم العرفي ، ولا يحافظ عليها في مقام اقتناص المراد الجدّي ، وهذا يعني : أنّ العموم استغراقي.
وهكذا يكون عموم «العلماء» استغراقي على كلا المسلكين.
فالصحيح إذن ، عدم تماميّة الفارق المذكور أيضا.
٣ ـ الأمر الثالث : هو أنّه لو فرضنا أنّ أفراد الجمع المعرّف «باللّام» كانوا عشرة ، والمتكلم أراد تسعة ، بحيث كانت التسعة متعيّنة ، حيث لا تردّد في المقام ، وحينئذ ، تارة نفرض أنّ تعيّن التسعة كان بقرينة لبيّة ، وتارة أخرى ، كان تعيّن التسعة ، لكونه قدرا متيقنا في مقام التخاطب ، وتارة ثالثة ، يكون التعيّن لقرينة خارجية.
ومثال الأول ، كما لو قال : اصعد الطوابق ، وكانت عشرة ، واحتملنا إرادته لتسعة منها ، فهنا كما كانت العشرة متعيّنة لكونها أعلى المراتب ، فكذلك التسعة ، تكون في المقام متعيّنة حيث لا يحتمل إرادة الفرد العاشر دون التاسع ، إذن ، ليس هناك تردّد بين تسعات.