إجمال الدليل المجمل ببيان الدليل المبيّن ، وذلك لأنّ هذا الدليل المجمل يثبت الجامع ، وهذا الجامع يشكل لنا ما يشبه العلم الإجمالي بمطلوبية صلاة الليل ، والدليل المبيّن يثبت إمّا بالدلالة المطابقية كما لو كان نظره إثبات أحد الفردين ، أو بالدلالة الالتزامية ، إذا كان نظره متعرّضا لنفي أحدهما ، فيثبت مع ضمه لهذا تطبيق الجامع على الحصة الأخرى ، أي على مصداقه المطلوب ، وهو الخصوصية.
٢ ـ الصورة الثانية : هي ان يفرض كون مفاد الدليل إحدى الحصتين بخصوصها ، لكن نحن لم نشخص المراد منه بعينه كما في مثال : «الكر ستمائة رطل» ، الوارد في رواية (١) محمّد بن مسلم ، فإنّ كلمة رطل هنا مجملة ، وإجمال رطل ليس منشؤه انّها مستعملة في جامع الرطل لأنّ الجامع ليس مدلولا كما في الصورة الأولى ، بل منشؤه عدم العلم بأي رطل أريد حيث أنّ الرطل ، منه المدني ، ومنه المكّي ومنه العراقي ، فالتردد هنا في المعنى المراد ، لا في مصداق المعنى المراد كما في الصورة الأولى ، وحينئذ ، لو ورد في دليل آخر أنّ الكر ألف ومائتا رطل بالعراقي الذي هو نصف المكّي ، حينئذ يقع الكلام في أنّه هل يمكن رفع إجمال ذلك الدليل المجمل ببيان هذا المبيّن ونستكشف أنّ المقصود بالرطل في الرواية القائلة بأنّه ستمائة رطل ، انّه رطل المكي بقرينة الرواية الأخرى التي تصرّح أنّه ألف ومائتا رطل بالعراقي؟
وهنا تارة ، يفرض أنّ اصالة الجهة في صحيحة محمّد بن مسلم ـ الرواية الأولى المجملة القائلة بأنّ الكر ستمائة رطل ـ قطعيّة ، بمعنى أننا لا نحتمل أن يكون ذلك الكلام المجمل قد صدر عن المعصوم تقيّة ، بل هو كلام جدّي أريد منه معناه جدا.
وأخرى ، نحتمل أنّه قد صدر تقيّة.
__________________
(١) الوسائل ـ ج ١ ـ م ١ ـ ص ١٢٤ ـ ح ٢.