ننفي الأول منها ، بخلافه لدليل الحجية وخلافه للقطع بصدوره ، بعد احتمالنا لصدوره ، وننفي الثاني ، باعتبار خلافه للدليل المبيّن ، وننفي الثالث ـ وإن كان موجودا وجدانا ـ لكن ننفيه بخلافه للمفروض وباصالة الجهة ، وحينئذ يتعيّن الاحتمال الرابع ، وهو أنّ الكرّ ستمائة رطل بغير العراقي ، وهكذا يرتفع الإجمال بالمبين.
وهذا المطلب ـ وهو رفع إجمال المجمل ببيان المبيّن ـ كنّا نستشكل فيه بهذا التقريب.
وذلك الاستشكال يمكن تقريبه بوجهين.
١ ـ الوجه الأول : هو أن يقال : إنّ اصالة الجهة والجد هنا لا تثبت إلّا مدلولها المطابقي أو الالتزامي لأنّها اصل عقلائي وليست اصلا عمليّا ليمتنع في حقها إثبات مداليلها الالتزامية ، وحينئذ ، المقصود إثباته باصالة الجهة هو ، كون الكرّ ستمائة رطل بالمكّي ، وهذا المعنى لم يحرز انّه مدلول مطابقي لاصالة الجهة ، ويقطع بأنّه ليس مدلولا التزاميا لها ، لأنّ مدلول اصالة الجهة هو جدّية المراد الاستعمالي ، أو المراد الجدي الاستعمالي من الكلام ، والمراد الاستعمالي هو ، إمّا الرطل العراقي ، أو الرطل المكّي ، وحينئذ ، فإن كانت كلمة رطل قد استعملت في المكّي ، إذن فهذا الذي نريد إثباته بالجهة هو مدلول مطابقي لها ، لكن لو كان المراد الاستعمالي من كلمة رطل هو العراقي ، إذن فالذي نريد إثباته باصالة الجهة حينئذ ليس مدلولا مطابقيا ، ولا مدلولا التزاميا لها ، لأنّه من الواضح انّ المدلول المطابقي لها حينئذ هو الرطل العراقي ، وهذا ليس عين المكّي ولا يستلزمه ، وعليه : فكيف نثبت قضية باصالة الجهة مع أنّها ليست مدلولا مطابقيا ولا التزاميا لها.
والخلاصة : هي انّه على تقدير احتمال أن يكون المعصوم قد أراد من قوله : الكرّ ستمائة رطل ، يعني بالعراقي ، لكن تقية ، لكن يحتمل أيضا أن يكون قد أراد جدا ستمائة رطل بالمكّي ، فحينئذ ، ما المعين لأحد الاحتمالين؟
قلنا سابقا : إنّ اصالة الجهة تعيّن حمله على المكّي جدا ، إذ لو حملنا