وتوضيح الحال في جوابه : هو أن يقال : إنّه حينما يفرض انّ كلاما «ما» يتردّد مدلوله الجدّي بين شيئين ، كما لو صدر كلام من المعصوم يقول فيه : «صلّ» ، وتردّد مدلوله الجدّي بين الوجوب أو الاستحباب ، ففي مثله : واقع المراد الجدّي مردّد ، أي انّ ما هو مدلول جدّي بالحمل الشائع مردّد ، أي أنّ واقع ما تعلّق به إرادة المتكلّم مردّد ، إذ كما يحتمل أن يكون هو الوجوب ، يحتمل أن يكون هو الاستحباب ، لكن على كلا التقديرين سواء كان المدلول الجدّي هو الوجوب أو الاستحباب فهناك حالة ثابتة محفوظة في الكلام ، وهي أنّ الكلام ليس هزلا بل هو جدّي وهذه صفة قائمة بنفس الكلام ومحفوظة فيه.
ونحن في مقام تعيين واقع المدلول الجدّي ، نحتاج إلى ملاحظة ما هو الظاهر من الدليل ، فيقال مثلا : إنّ صيغة «افعل» ظاهرة في الوجوب ، فحملها على الوجوب ليس لأجل التحفظ على جدّية الكلام ، فإنّ جدّية الكلام محفوظة على كلا التقديرين.
وهذا المثال يوضح لنا معنى اصالة الجد ، فإنّه ليس المقصود بها الأصل الذي يعيّن لنا واقع المراد الجدّي بالحمل الشائع ، بل اصالة الجد هو الأصل الذي يعيّن لنا صفة قائمة في الكلام ، وهي جدّية الكلام في مقابل هزليّته ، وهذه الصفة يعيّنها ظهور حالي سياقي نسمّي اعتباره العقلائي باصالة الجهة ، من دون تعيين مصداقي الجدّ وانّه الوجوب أو الاستحباب ، إذ انّ هذا يتعيّن بظهور آخر.
وإذا توضّح عندنا معنى اصالة الجدّ ، حينئذ ، يندفع هذا الإشكال ، لأنّ الإشكال كان مبنيا على تخيّل انّ أصالة الجهة مفادها تعيين واقع المدلول الجدّي ، حيث يقال حينئذ : إذا كان المقصود إثباته باصالة الجهة هو كون الكرّ ستمائة رطل بالمكّي أو بالعراقي ، فحينئذ يأتي هذا الإشكال ، حيث يقال : إنّه كيف يثبت باصالة الجدّ قضية لم نحرز كونها مدلولا مطابقيا لها ويقطع بعدم كونه مدلولا التزاميا لها أيضا ، إذ لو كان مدلولها جعل الكريّة