لستمائة رطل بالعراقي ، فالرطل المكي حينئذ ليس مدلولا مطابقيا ، لأنّ مدلولها المطابقي حينئذ هو الرطل العراقي ، ولا التزاميا ، لأنّ الرطل المكي يغاير الرطل العراقي.
ولكن بعد الالتفات إلى أنّ اصالة الجهة ليس مفادها واقع المدلول الجدي ، بل مفادها إثبات صفة قائمة بالكلام ، وهي كون الكلام جديّا في مقابل كونه هزليا ، إذن ، فهو مدلول مطابقي لاصالة الجهة ، وهو متعيّن على كل حال ، وليس مرددا بين شيئين.
وحينئذ ، قبل أن يأتي الدليل المبيّن نقول : إنّ هذا المدلول المطابقي لاصالة الجهة يناسب كلا الاحتمالين للمدلول الجدّي للكلام ، إذ لعلّ هذا الكلام جدّي وكان مفاده جعل الكرية لستمائة رطل بالعراقي ، كما أنّه لعلّه جدّي ، ومفاده جعل الكريّة لستمائة رطل بالمكّي ، إذن ، فالمدلول الجدّي لاصالة الجهة يناسب كلا الاحتمالين لو لا مجيء المبيّن ، لكن بعد مجيء المبيّن نعلم أنّ ستمائة رطل بالعراقي ليس كرّا في الواقع ، وأنّ المولى لم يجعل لها الكرّيّة ، حينئذ ، يثبت أنّ جدّيّة الكلام التي هي المدلول المطابقي لاصالة الجهة ، تستلزم أن يكون المراد من الكلام جعل الكرّية لستمائة رطل بالمكي ، لأنّ جدّية الكلام لا تناسب إلّا مع ذلك.
إذن ، فالقضية التي نريد إثباتها باصالة الجدّ هي ، مدلول التزامي لاصالة الجدّ ، إذ لو كان المراد الجدّي هو الرطل العراقي ، إذن لا يكون الكلام جدّيا ، لكن سبق وعرفت أنّ اصالة الجدّ تعيّن لنا صفة قائمة في الكلام ، هي جدّية الكلام في مقابل كونه هزليا.
وبهذا نكون قد أثبتنا باصالة الجدّ مدلولا التزاميا لها ، وبهذا يندفع الإشكال ، لأنّ المدلول المطابقي لاصالة الجهة هو جدّية الكلام ، وهذه الجدّية تلازم كون المراد من الكلام هو الرطل المكّي ، لأنّه لو كان المراد الرطل العراقي لما كان الكلام جدّيا ، وبذلك يجوز في هذه الصورة رفع إجمال المجمل بالمبيّن.