الأولى والثانية لو قيل باشتراط ما يعين مدخول اللام من داخل الخطاب ، ولا يكفي تعيينه بقرينة خارجية منفصلة. لأن اللفظ نسبته إلى إرادة كل من المقدارين المتعينين في الخارج على حد سواء ، ولا معين لأحدهما دون الآخر ، وهذا الفارق بنفسه يكون منبها وجدانيا على عدم تمامية المسلك الثاني عند من يدّعي وجدانا على دلالة الجمع المعرف باللام على العموم على الإطلاق حتى في موارد هذه الحالات الثلاث ، هذه هي الفوارق بين المسلكين.
وأمّا المناقشة فيهما : فقد أشكل السيد الخوئي (١) (قده) على الأول من هذين المسلكين ، بلزوم كون استعمال «اللام» في موارد العهد مجازيا ، وهو خلاف الوجدان وباطل بالضرورة ، فإنّ استعمالها فيه ليس مجازيا ، بينما لا يلزم ذلك لو قلنا بوضعها للتعيين.
وهذا الإشكال غير صحيح ، وإنّما يرد ، لو كان أصحاب المسلك الأول ، يقولون بأنّ «اللّام» وضعت بوضع واحد للعموم ، وهذا بعيد ، فإنّ «اللام» الداخلة على الجمع وضعت للعموم ، والداخلة على المفرد وضعت للتعيين والعهد ، وحينئذ تكون من المشترك اللفظي ، الموضوعة بوضعين مستقلين في عرض واحد ، ومعه لا مجاز في استعمالها في أيّ منهما ، بل يكون الاستعمال حقيقيا ، لأنّه من استعمال المشترك في أحد معنييه.
وقد ناقش المحقق الخراساني (٢) (قده) في صحة المسلك الثاني ، بما يصلح أن يكون ردا وإيرادا على السيد الخوئي (قده) ، فقال : إنه ليس المراد من التعيين ، المرتبة العليا ، لأنّ كل مرتبة في نفسها ، لمّا كانت تحكي عن عدد معيّن ، وذلك العدد له تعيين وحقيقة ، كان المقصود من التعيين ، التعيين الماهوي.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ السيد الخوئي ـ هامش ص ٤٤٥.
(٢) كفاية الأصول ـ الخراساني ـ ج ١ ـ ص ٣٨١.