وبعبارة أخرى يقال : إنّه كما تكون المرتبة العليا المتمثلة في جميع الأفراد متعيّنة ، فكذلك المرتبة الدنيا ، وهي الثلاثة ، فإنّها أيضا متعيّنة ، وحينئذ ، لا وجه لاستفادة العموم بالملازمة ، من مجرد دلالة «اللام» على التعيين.
وقد أوردت مدرسة المحقق النائيني (١) (قده) على مناقشة المحقق الخراساني (قده) فقالت : إنّه ليس المقصود من التعيين ما ذكر من التعيين الماهوي ، بل المقصود بالتعيين ، التعيين في الصدق الخارجي ، فإنّ المقصود ، إنّ المرتبة العليا متعيّنة في مقام التطبيق ، حيث انّه لا تردد في تطبيقها ، بخلاف ما دونها من المراتب ، فإن عدد الثلاثة ، وإن كان متعينا بحسب الماهية ، لكنه ليس بمتعيّن بحسب الصدق في الخارج ، وذلك لإمكان انطباقه على هذه الثلاثة ، وعلى تلك الثلاثة ، وهكذا سائر المراتب.
ولكن يمكن تقرير إيراد المحقق الخراساني (قده) بوجه آخر ، لا يرد عليه جواب مدرسة المحقق النائيني (قده) ، فيقال : إنّ «اللام» تدل على التعيين ، والمراد منه تعيين الجنس ـ لا الصدق الخارجي ـ كالتعيين الجنسي المفهوم من «اللام» إذا دخلت على المفرد ، والفرق ليس إلّا من ناحية أنّ التعيين الجنسي في المفرد ، يكون لذات الطبيعة ، وفيما نحن فيه ، يكون لجماعة من أفرادها. وهذا أمر يبني عليه العرف في الجمع والمثنّى ، فنقول مثلا : «العلماء أو العالمان ، أكثر فائدة من العالم الواحد» ، فهنا ، مفاد «اللام» هو ، أنّ جنس العلماء أو العالمين أكثر عطاء من جنس العالم الواحد ، فإنّ العلماء أو العالمين غير متعيّنين صدقا في أشخاص ، لكنه يراد المقابلة بين ماهية الكثير وماهية القليل ، فجاء بلفظ يعيّن حدّها الجنسي من أجل المفارقة ، وهذا مثل قولهم : «الأسد أقوى من الذئب» ، فإنها تدل على الجنس لا الفرد الخارجي.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ج ٢ هامش ص ٤٤٥.