وبتعبير آخر يقال : إنّ الاستيعاب تارة يستفاد من مرحلة المدلول اللفظي للدليل كما في المثال المتقدم ـ بناء على وضع كلمة «كل» لغة للاستيعاب ـ. وأخرى يستفاد من مرحلة التحليل العقلي ، ونقصد بها ، مرحلة تطبيق العنوان على معنونه خارجا ، كما في قوله : «أكرم العالم» ، حيث أنّ اللفظ لا يدل وضعا ولغة على أكثر من جعل الحكم على طبيعي العالم بحسب مرحلة الجعل ، إلّا أنه بلحاظ الخارج ومرحلة المجعول يطبّق الحكم على كل مورد يتحقق فيه العالم خارجا.
والعموم هو النوع الأول من الاستيعاب لا الثاني.
٢ ـ النقطة الثانية : هي انّ الشمول والاستيعاب المدلول للفظ وضعا ، تارة يفاد بنحو المفهوم الاسمي ، كما لو قال : «أكرم كل عالم» ، وهكذا ، «جميع ، وكافة ، وعموم». وغيرها من الألفاظ الموضوعة لغة لنفس معنى الاستيعاب والشمول والعموم ، فإنّ كلّ واحدة منها تعامل معاملة الاسم ، كجعلها مبتدأ في الجملة.
وأخرى يفاد الشمول والاستيعاب بنحو المعنى الحرفي ، كما في «هيئة الجمع المحلّى باللام» ، بناء على أنّ الجمع المعرّف باللام يفيد العموم ، وحينئذ تكون اللام دالة على النسبة الاستيعابية ، كما في قوله : «أكرم العلماء».
وفي مقام تطبيق تعريف صاحب الكفاية (قده) يقال : إنّه قد استفيد استيعاب العالم لجميع أفراده بقرينة «كل» كما في المثال الأول ، وبقرينة «اللام» ، كما في المثال الثاني ، إذ انّ لفظ عالم وعلماء قد يلحظان مرآة لتمام أفرادهما ، وقد يلحظان مرآة لبعض أفرادهما.
ولفظة «كل» و «اللام» تدلان على أنه أريد منهما تمام أفرادهما التي يصلح انطباق المفهوم عليها ، فعموم عالم معناه استيعابه وشموله لجميع ما يصلح انطباقه عليه.