وجوب الإكرام ، وهذا يعني أننا تصرفنا في عموم العام. وقد نلتزم بحمل صيغة افعل في الخاص على الاستحباب ، وهذا يعني أننا أبقينا العام على عمومه ، ولكن تصرفنا في ظهور المخصّص ، وهكذا نرى أنه يمكن التصرف في كل من الدليلين على وجه يتحفظ معه على ظهور الدليل الآخر ، وحينئذ نقول : لما ذا يقدم التصرف الأول وهو التصرف في العام لمصلحة ظهور الخاص ، مع أن لكل منهما ظهور في نفسه ، وكل منهما مشمول لدليل حجية الظهور ونسبتها إليهما على حد ونحو واحد.
فقد يقال في مقام الجواب عن ذلك : إن ظهور الخاص يفني ظهور العام ولا يبقيه ذاتا ، وهذا يعني أنه يكون واردا عليه ورافعا لموضوع حجية الظهور في العام. وقد يقال : إن ظهور الخاص حاكم على دليل حجية ظهور العام ، باعتبار أن حجية ظهور العام منوطة بعدم ورود الخاص ، إمّا لأنّ ظهور الخاص أقوى فشرطت تلك الحجية بعدم هذه ، وإمّا لأن ظهور الخاص قرينة على العام فشرطت حجية ظهوره بعدم ورود القرينة على الخلاف.
وتحقيق الحال في هذه المشكلة موكول إلى محله في بحوث تعارض الأدلة حيث يبحث هناك عن نكتة تقديم الخاص على العام ، إمّا بالورود أو بالحكومة أو بالقرينة أو غير ذلك.
٢ ـ المشكلة الثانية : هي أنّ العام بعد تخصيصه يصير مجازا في أيّ مرتبة من المراتب الباقية ومن جملتها تمام الباقي ، ولا معيّن للمرتبة المرادة ، وعليه فلا دليل على إرادة تمام الباقي لأن نسبة تمام الباقي إلى المعنى الحقيقي للفظ ، كنسبة أي مرتبة أخرى من مراتب الباقي إليه ، إذن ، فلا يكون العام حجة فيه.
ثم إن كلتا المشكلتين لا تشملان موارد التخصيص الراجع إلى تضييق دائرة المدخول من أول الأمر ، كما لو كان التخصيص متصلا بنحو انصبّ فيه العموم والاستيعاب على الخاص ابتداء ، بحيث كأنّه وجد مخصّصا ، كما في قوله «أكرم كل عالم عادل» ، إذ في مثل ذلك لا موضوع للمشكلة الأولى ، لأنّه لا يوجد من أوّل الأمر ظهوران أحدهما للعام والآخر للخاص ودلالتان