إحداهما للعام والأخرى للخاص كي يقع التنافي بينهما ويبحث عن وجه تقديم أحدهما على الآخر ، فإنّ أداة العموم موضوعة لاستيعاب تمام أفراد المدخول ، والمخصّص في المثال المزبور جزء منه ، إذن فلا ظهور للكلام إلّا في الخصوص ، ولا ظهور للعام كي يفتّش عن تقديم أحدهما على الآخر.
كما انّه لا موضوع للمشكلة الثانية ، لأنّ هذه المشكلة متفرعة على طرو التخصيص على العام ، وهنا لم يطرأ تخصيص على العام ، وإنّما استعملت الأداة في الاستغراق ، غاية الأمر أنّ هذا الاستغراق ضيّق الدائرة من أول الأمر باعتبار كون الخاص هو تمام العام المستوعب بأداة العموم.
إذن لا تخصيص من أول الأمر ، بل تخصّص ، وذلك لورود التقييد في رتبة سابقة على العموم.
إذن ، فالمشكلتان إنّما تبرزان كموضوعين للبحث فيما إذا كان قد انعقدت الدلالة على العموم واستكمل العام مدخوله ، وورد الخاص مستقلا عنه ، وسواء كان هذا الخاص متصلا أم منفصلا.
ولكن من المناسب هنا ، البحث عن المشكلة الثانية التي تبحث عن وجه حجيّة العام في تمام الباقي ، مع تساوي نسبته إلى مراتبه الأخرى ، فإنّ هذه المشكلة طرحت بصيغتين مختلفتين مقصدا وغاية ، ومتفقتين مضمونا.
وتبعا لذلك يختلف أسلوب علاجهما للتمييز بينهما ، كي لا تختلط حيثيّات بحث إحداهما بحيثيات بحث الأخرى.
١ ـ الصيغة الأولى : وهي تطرح تحت عنوان التشكيك في كبرى حجية العام في الباقي حيث يقال : إنّ العام بعد التخصيص هل هو حجة في تمام الباقي أم لا؟
إذن فنحن نشك في حجيته في ذلك بعد التخصيص ولا ندري هل استقرّ بناء العقلاء على العمل بكلام المولى إذا كان عاما وخصّص؟ وإذا لم نعمل به هل نعاقب؟ وهل لنا اعتذار بانهدام حجية العام بعد تخصيصه فيما لو لم نعمل به أم لا؟.