قال الجنيد : النعم الظاهرة الأخلاق ، والنعم الباطنة المعرفة.
قال أبو بكر الوراق : النعم الظاهرة استواء الخلق ، والنعم الباطنة حسن الخلق ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام : «اللهمّ كما حسّنت خلقي فحسّن خلقي» (١).
قال بعضهم : النعمة الظاهرة اتباع ظاهر العلم ، والنعمة الباطنة طلب الحقيقة في الاتباع.
وقال الأستاذ : النعمة الظاهرة نفس بلا ذلة ، والباطنة قلب بلا غفلة.
(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦))
قوله تعالى : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) أي : من بذل وجوده لوجدان وجود الحق سبحانه وهو يعرفه وتكون معرفته مستفادة من مشاهدته لا بتقليد العلم والأدلة العقلية فقد استمسك بعروة المحبة الأزلية لا يتكدر بعلل الحدثان ، والإحسان مشاهدة الربوبية في العبودية ، والعروة الوثقى المحبة المتصلة بالألوهية.
قال سهل : من يخلص دينه لله ويحسن آداب الإخلاص ، وقال العروة الوثقى هي السنة.
وقال أبو عثمان : العروة محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقال أيضا : هي كتاب الله وسنة رسوله.
(وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧))
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) : افهم كيف تنفد كلمات الحق وكلماته الأزلية السرمدية وللعارف بكل نفس منه من الحق سبحانه بالمثل ألف خطاب ، ولا ينقطع عنه خطابه أبدا ، ولكل خطاب له وجد وله
__________________
(١) رواه ابن حبان في الصحيح (٣ / ٢٣٩) ، والديلمي في الفردوس (١ / ٤٨١).