الطباع إلى نور المشاهدة ، وهذا متولد من اصطفائيته الأزلية ورحمته الكافية القدمية ألا ترى إلى قوله : (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (٤٣) : كان رحيما قبل وجودهم حيث أوجدهم وهداهم إلى نفسه بلا سبب ولا علة.
قال أبو بكر بن طاهر : علامة صلاة الله على عبده أن يزينه بأنوار الإيمان ، ويحليه بحلية التوفيق ، ويتوجه بتاج الصدق ، ويسقط عن نفسه الأهواء المضلة والإرادات الباطلة ، ويبذله الرضا بالمقدور.
قال الأستاذ : الصلاة من الله بمعنى الرحمة ، ومن الملائكة بمعنى الشفاعة ؛ ليعصمكم من الضلال بروح الوصال.
(تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤))
قوله تعالى : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) : سلام الله وتحيته أن يخاطب العباد بخطاب الرضا والعفو عما مضى ، وأن يجلسهم على بساط القرب ، ويناجيهم بمناجاة البسط والدنو.
قال ابن عطاء : أعظم عطية للمؤمن في الجنة سلام الله عليهم من غير واسطة.
قال الأستاذ : إذا قربت التحية بالرؤية واللقاء إذا قرن بالتحية لا يكون إلا بمعنى رؤية البصر ، والتحية الخطاب يفاتح بها الملكوت إخبارا على علو شأنهم ، فهذا السلام يدل على عالي رتبتهم التي جعلها الله لهم ، فاللقاء حاصل والخطاب مسموع لهم.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٤٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠) تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ