فمكّن الله أسرارهم لحمل الموارد.
(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (٧٣))
قوله تعالى : (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) : في هذه الآية سرّ لطيف ، ذكر الله سبحانه وصف غبطة الملائكة على منازل الأولياء والصديقين ، وذلك قوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ) أي : أنتم في مشاهدة جماله أبدا طيبون بلذة وصاله ، سالمون عن الحجاب أبدا ، وأيضا هذا سلام الله ولكن بالواسطة ، والسلام الخاص بعد دخولهم في الحضرة بقوله : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ.)
قال ابن عطاء : السلام في الجنة من وجوه : منهم من يسلم عليهم خزنة الجنة ، ومنهم من يسلم عليهم الملائكة ، ومنهم من يسلم عليهم الحق لقوله : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ.)
(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤))
قوله تعالى : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) : هذا حمد بعد الوصول ، وثناء عليه بعد مشاهدة وصاله من فرح وجدان مواعده الجليلة ومواهبه السنية ، حمدوه بعدما وجدوه بألسنة ربانية ملتبسة بنور مدحه ، استعاروا لسان المدح من الحق ، فأثنوا به على الحق ، وإلا كيف يحمدونه بألسنة حدثية معلولة قاصرة عاجزة؟!
قال ابن عطاء : إن العبيد إذا شاهدوا في المشهد الأعلى آثار الفضل وما أنعم عليهم من فنون النعم التي لم تكن يبلغونها بأعمالهم : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) بفضله من غير استحقاق منا لذلك ، بل فضلا وجودا وكرما.
وقال جعفر الصادق : هو حمد العارفين الذين استقروا في دار القرار مع الله ، وقوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) : حمد الواصلين.
وقال أيضا : نظروا في الدنيا من الله إلى الله ، وإلى موعوده واثقين في الله ، ساكنين إلى ما أعدّ الله لهم.