قال ابن عطاء : شرف لك بانتسابك إلينا ، وشرف لقومك بالانتساب إليك.
قال جعفر : ذكر لك بنسبتك إلينا ، وذكر لقومك بحسن قدومهم بك واتباعهم لسنتك.
(فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (٥٦) وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨))
قوله تعالى : (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) : فلما قاموا على دعاويهم الباطلة وكلماتهم المزخرفة وبدعهم الباردة فأصروا على إيذاء أوليائنا وأحبائنا غضبنا وسلّطنا عليهم جنود قهرياتنا ، وأمتناهم في أودية الجهالة ، وأغرقناهم في بحار الغفلة ، وجرّدنا قلوبهم عن أنوار المعرفة ، وطمسنا أعين أسرارهم حتى لا يروا لطائف برّنا على أوليائنا.
قال سهل : لما أقاموا مصرّين على المخالفة في الأوامر وإظهار البدع في الدين وترك السنن اتباعا للآراء والأهواء والعقول نزعنا نور المعرفة من قلوبهم وسراج التوحيد من أسرارهم ، ووكلناهم إلى ما اختاروه ، فضلّوا وأضلّوا.
(إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢) وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٦٦))
قوله تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) أي : بأنه كلمته التي ألقاها إلى مريم وروح منه ، وأنه كان متصفا بصفاته ، ومشكاة لأنوار قربه ووصاله وولايته ونبوته ومعرفته ومحبته وعصمته وتوفيقه.
قال يحيى بن معاذ : أنعمنا عليه بأن جعلنا ظاهره إماما للمريدين ، وباطنه نورا لقلوب العارفين.
(الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ