وقال ابن عطاء : لما بلغ إلى سدرة المنتهى قدم النبي صلىاللهعليهوسلم وأخر جبريل عليهالسلام ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لجبريل : تتركني في هذا الموضع وحدي ، فعاتبه الله حين سكن إلى جبريل فقال : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ.)
وقال أيضا : يهدي بك الخلق إلى الطريق المستقيم ، وهو الطريق إلى الحق ، من جعله أمامه قاده إلى الخلق ، ومن لم يقتد به في طلب الطريق إلى الحق ضلّ في طلبه ، وأخطأ طريق رشده.
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (٤) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦))
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) : ما حرم الله المؤمنين من رشاش بحار معرفته وأنوار قربه ، بل خصّهم بما خصّ به الأنبياء عليهمالسلام في أوائل أحوالهم ، وتلك السكينة ، وهو وقوع نور المشاهدة على أسرارهم ، فقويت به في تراكم بوادي الواردات الغيبية وامتحانات إلهية ، وبذلك النور تزيد أنوار إيمانهم.
قال الله في موضع آخر : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ، والسكينة شهود كشف الجمال في قلوب أهل الكمال ، والبصيرة تورث في أسرارهم الأنس ، والبصيرة كشف الجلال في قلوب العارفين ، فيبصرون به نوادر الغيوب وعجائب القلوب ، لذلك قال : (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) ، وذلك الإيمان هو البصيرة.
قال الواسطي : البصيرة مكشوفة ، والسكينة مستورة ، ألا ترى إلى قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ) إلخ ، فبالسكينة ظهرت البصيرة ، والسكينة هداية ، والبصيرة عناية ، وإذا أكرم العبد بالسكينة يصير المفقود عنده موجودا والموجود مفقودا.
سئل بعضهم ما أوّل ما كاشف الله به عباده؟ قال : المعارف ، ثم الوسائل ، ثم السكينة ، ثم البصائر ، فلما كاشفه الحق بالبصائر عرف الأشياء بما فيها من الجواهر ، كأبي بكر رضي الله عنه ما أخطأ في نطق.
قال جعفر : سمعت الجد يقول لينظروا إلى الإيقان وإلى مشاهدته بعين القلب ، فكانت